لم تعد المسألة مجرد استخدام أدوات متطورة، بل رؤية متكاملة تدعمها الحكومة، وتنفذها المؤسسات الإعلامية والشركات الناشئة، وحتى الأفراد.. هناك عدة أسئلة تطرح نفسها في هذا المجال؛ أهمها: كم يمكن أن يوفر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من الوقت والتكلفة مقارنة بإنتاج الفيديوهات بالطريقة التقليدية؟ وهل يمكن أن يلغي الذكاء الاصطناعي الاعتماد على المبدع «الإنسان»، وبالتالي يكون بديلاً عن وظائف متعددة؟ «البيان» طرحت هذه التساؤلات على عدد من المختصين وأصحاب الشركات العاملة في هذا المجال الحيوي.
أما اليوم، فإن المنصات المعتمدة للذكاء الاصطناعي تقدّم نتائج مماثلة بجزء بسيط من الوقت والتكلفة، إذ يمكن أن تصل كلفة المحتوى المُنتَج إلى نحو 0.50 دولار فقط لكل ثانية، في حين تبدأ خدمات الاشتراك من 15 دولاراً شهرياً.
أما المشاريع التي كانت تستغرق أسابيع لإنجازها، فيمكن الآن إتمامها في أقل من 15 دقيقة. وتشير العديد من الشركات إلى أن جداولها الزمنية للإنتاج قد تقلّصت بنسبة تتراوح بين 50% و90%.
وما يزيد الأمر أهميةً أن التكلفة السنوية لأداة فيديو مدعومة بالذكاء الاصطناعي غالباً ما تعادل ما كانت الشركات تدفعه سابقاً مقابل إنتاج واحد بقيادة وكالة متخصصة؛ ما يجعل المحتوى الاحترافي عالي الجودة أكثر إتاحة من أي وقت مضى.
على المدى القريب، نرى نموذجاً هجيناً يترسخ تدريجياً: يتولى الذكاء الاصطناعي المهام المتكررة أو التقنية، بينما يركّز المبدعون البشريون على السرد القصصي، وضبط الجودة، ووضع الاستراتيجيات.
وهكذا، فإن مستقبل صناعة المحتوى لا يقوم على الاختيار بين الإنسان والآلة، بل على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتوسيع آفاق الإبداع.
وقد أبدى صناع المحتوى تحولاً ملحوظاً في مواقفهم تجاه أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث انتقلوا من موقف الحياد إلى مرحلة التجريب والتطبيق العملي.
وعبّر نحو نصف المشاركين (49%) عن تفاؤلهم حيال استخدام هذه الأدوات، مقارنةً بنسبة 29% فقط في العام الماضي.
ويعتقد غالبية صناع المحتوى أن الأثر الأكبر للذكاء الاصطناعي يتمثل في تطوير أدوات وتحليلات أكثر تطوراً (63%)، تتيح لهم أتمتة المهام الروتينية والتفرغ بشكل أكبر للتركيز على سرد القصص.
ورغم هذه الحماسة، يبرز القلق من ظاهرة التزييف العميق كأحد أبرز التحديات، حيث اعتبره 41% من المشاركين أحد أهم تأثيرات الذكاء الاصطناعي التي تثير المخاوف.
إنه لا يُلغي دور المبدع، بل يُعيد تعريفه. فبدلاً من أن يُضيع وقته في المهام الروتينية، يمكنه الآن التركيز على الفكرة، والرؤية.
وقد باتت دبي المدينة حاضنة لأفكار جديدة تعيد تعريف المحتوى من حيث السرعة، والكفاءة، والتجربة البصرية، فالذكاء الاصطناعي في دبي ليس مستقبلاً متوقعاً بل هو واقع يُصنع الآن.
محرر الإبداع
على سبيل المثال، فإن مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة كانت تبلغ تكلفته في السابق نحو 1800 دولار لكل دقيقة مُنجزة، واليوم يمكننا إنتاجه وترجمته وتعديله خلال يوم واحد بتكلفة زهيدة.
والتحول الحقيقي يتجاوز كفاءة التكلفة التشغيلية، إذ يتعلق بالقدرة على تحقيق المزيد من الإنجازات ضمن حدود الميزانية نفسها، والوصول إلى آفاق لم تكن ممكنة من قبل؛ فالذكاء الاصطناعي يمنح الفرق الإبداعية حرية اختبار أفكار وأشكال ولغات متعددة بشكل متزامن، وإعادة تخيّل مفاهيم كانت مستحيلة التنفيذ سابقاً بسبب تكاليف الإنتاج، أي أن الذكاء الاصطناعي لا يُخفّض التكاليف فقط، بل يحرر الإبداع ويفتح المجال أمام العلامات التجارية لتوسيع آفاق الابتكار.
وتحديداً، تُعدّ مجالات التسويق والتعليم والتواصل المؤسسي هي الأكثر استفادة، لأنها غالباً ما تتتطلب التكيف السريع مع جمهور أو سوق مختلف.
