بعد نقاشات امتدت لعقدين من الزمن أعلن علماء أخيراً عن دليل قاطع ينهي الجدل حول الأصل الغامض لـ«فوهة سيلفربيت»، وهي بنية دائرية مدفونة في قاع بحر الشمال. الباحثون يؤكدون اليوم بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الهيكل تشكل نتيجة اصطدام كويكب هائل قبل أكثر من 40 مليون عام.

اكتُشفت الفوهة في عام 2002 على بُعد حوالي 129 كيلومتراً (80 ميلاً) من ساحل يوركشاير البريطاني، ورغم أن شكلها الدائري ووجود قمة مركزية فيها كانا يكشفان عن «اصطدام كوني»، إلا أن غياب الدليل المادي القاطع سمح بظهور تفسيرات بديلة مثل تغير رواسب الملح تحت الأرض أو النشاط البركاني القديم.

تقنية زلزالية

تمكن فريق بحثي بقيادة أويسدين نيكلسون من جامعة هيريوت-وات في اسكتلندا من حل هذا اللغز باستخدام مزيج من الأدوات الحديثة والقديمة، فقد اعتمدوا على تقنيات التصوير الزلزالي ثلاثي الأبعاد (3D Seismic Imaging): التي وفرت أوضح نظرة على الهيكل حتى الآن، و بقايا حفر قديمة من بئر نفط يعود تاريخه إلى الثمانينيات.

كشفت البيانات الزلزالية الجديدة عن سمات اصطدام واضحة وارتفاع مركزي، خندق مائي محيط، ومناطق صخرية محطمة، وحتى «فوهات ثانوية» أصغر نحتها الحطام المتساقط.

والأكثر إثارة أن نمط الصدوع حول الفوهة أشار إلى أن الكويكب ارتطم من جهة الغرب بزاوية سطحية ضحلة.

الدليل المجهري القاطع

كانت اللحظة الحاسمة في التحقيق هي العثور على ما وصفه نيكلسون بـ«إبرة في كومة قش» ضمن عينات الحفر القديمة، كشفت التحليلات المجهرية عن حبيبات كوارتز وفلسبار نادرة.

هذه الحبيبات كانت محفورة بندوب مجهرية لا تتشكل إلا تحت الضغوط الشديدة والحرارة الهائلة التي يولدها اصطدام فائق السرعة، ولا يمكن أن تنتج عن أي عملية مرتبطة بالأرض أو نشاط بركاني.

وأكد نيكلسون في بيان: «تثبت هذه القطع فرضية الفوهة الاصطدامية بما لا يدع مجالاً للشك، لأنها مصنوعة من نسيج لا يمكن تكوينه إلا بضغوط صدمية شديدة».

تعتبر فوهة سيلفربيت الآن «فوهة صدمية فائقة السرعة نادرة ومحفوظة بشكل استثنائي»، ويأمل الباحثون أن هذه النتائج لا تقتصر أهميتها على حل لغز تاريخي فحسب، بل يمكن استخدامها أيضاً لـ«فهم كيف أثرت اصطدامات الكويكبات على كوكبنا عبر التاريخ، وكذلك للتنبؤ بما قد يحدث في حال اصطدام كويكب بنا في المستقبل».

هذا الكشف يضيف فصلاً جديداً ومثيراً إلى تاريخ الأرض الجيولوجي وتفاعلها مع الفضاء الخارجي.