نظمت هيئة الشارقة للآثار، بحضور عيسى يوسف، مدير عام الهيئة، زيارة شاملة للدكتورة نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، لموقع الفاية الأثري الذي أُدرج مؤخراً ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي في اليونسكو، وذلك في إطار استراتيجية الهيئة لاستدامة وصون التراث الثقافي المادي للإمارة ومشاركته مع العالم، بما يسهم في تسليط الضوء على تاريخ الدولة تعريفاً بالقيمة الثقافية وأهميتها الأثرية على المستوى العالمي.

وأثنت المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، على جهود الهيئة التي تقود توثيق تاريخ البشر في جنوب شبه الجزيرة العربية، وأبدت إعجابها الشديد بموقع الفاية وأهميته الأثرية، حيث أكدت على ضرورة مثل هذه الزيارات في تعزيز وتوطيد التعاون الثقافي المثمر، والعلاقات الطيبة مع كافة الجهات عالمياً، والاستفادة من تجاربها وخبراتها.

موقع

وجاءت الزيارة في إطار مشاركة هيئة الشارقة للآثار في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي «كوب 28»، وضمن اهتمام اليونسكو بالتراث الثقافي والطبيعي للبيئات القديمة في المنطقة العربية، حيث ستقدم موقع الفاية ضمن جلسة «التراث الطبيعي والثقافي للواحات في مصر»، كجزء من الدراسة المقارنة، وذلك يوم غد الساعة الثانية ظهراً، ضمن جلسات اليونسكو في الجناح المصري.

ويُعتبر موقع جبال الفاية مثالاً استثنائياً للبيئة الصحراوية خلال العصر الحجري، والذي يؤرِّخ الاستيطان البشري المبكر في المنطقة إلى بدايات العصر الحجري الأوسط وحتى العصر الحجري الحديث خلال ظروف مناخية متغيرة في شبه الجزيرة العربية، ووثقت الدراسات الأثرية والبيئية للطبقات التاريخية في الموقع استمرارية الاستيطان البشري منذ 210.000 سنة.

تطور

وتؤرخ المكتشفات الأثرية بالموقع تطور الاستيطان والمستوطنين من جماعات الصيادين، إلى جماعات الرعاة الرحل الذين كان لهم شعائر جنائزية خاصة، ما ساعد العلماء على وضع تصور جديد لطبيعة تكيف الإنسان مع المشهد الطبيعي للمنطقة في ظروف مناخية قاسية، أدت دورات التغيرات المناخية كل 20000 عام إلى تأرجح المنطقة بين صحراء قاحلة وبيئة غزيرة المياه.

حيث تتجمع المياه في البحيرات وتتدفق على طول قنوات الوادي الممتد من جبال الحجر وحتى الفاية، وتوثق السمات الجيومورفولوجية على طول نطاق الفاية هذه الأحداث والتغيرات، ما ساعد على فهم هذه الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ المنطقة، ساهم المزيج الاستثنائي لتوافر مصادر المياه والمواد الخام والكهوف التي تم استيطانها، في جعل الفاية أقدم مشهد صحراوي مأهول بالسكان في العالم، مما يسد فجوة معرفية لفهم التطور البشري المبكر وتكيفه في صحراء «شبه الجزيرة».