الحمد لله مرت أيام رمضان، وما زلنا في بيتي لم نخضع لهيمنة محطات التليفزيون، ولم تغرِنا الاعلانات المبهرة الهادفة إلى جذب المشاهد وشد انتباهه إلى ما تعرضه القنوات. وترى صديقتي أن مشاهدة النشرات والبرامج الإخبارية الأكثر دراميه من أي مسلسل هي السبب في فشل الاعلانات بجذبنا!
أتفق معها إلى حد، ولكن السبب الأكبر لضيفنا الصغير (ابراهيم) في أول ظهور له في شهر رمضان, وتأثيره القوي على جميع من في البيت، بتحكمه في مجريات يومنا الرمضاني لكونه مصب كل الاهتمام.
هذا الصغير صنع ما لم أقدر عليه، فقد فرض نظام الالتزام بالبقاء في البيت على الجميع فاكتشفنا أن البيت صار (اشرح) وأكثر حيوية.
تغيرت المفردات ودخلت إلى قاموسنا اليومي كلمات لم نعتدها، تمازجت الحروف فيها وأخرجت لغة محبة هو مصدرها.
عندما يولد طفل جديد يحدث زلزال مشاعر في نفوس من حوله، فهناك فرح وخوف، وألم وحب واستحواذ وقلق, وأتساءل كيف سيكون شعوره لو فهم معنى كل ما يدور حوله كل يوم، من مشاعر يُغمر بها، أو من مشاهدات تبدأ هادئة في الصباحات, لتفقد هدوءها ظهرا, وتتحول عند العصر إلى ورشة إزعاج تصل ذروتها وقت الفطور عندما يُترك بمفرده على كرسيه الصغير، ويختفي عنه الجميع.
وهل سيحتمل رأسه الصغير كل هذا الكم من الاهتمام؟ وهل سيعرف الفرق بين الوجوه التي تنظر في عينه؟ ويستوعب عدد القبل التي طُبعت على وجهه الصغير؟ ترى هل يشعر بالدوار عندما ينتقل بين الأيدي وهل سيستطيع أن يفرق بين دفء الأحضان المختلفة.
هل يمكن لأحد منا أن يهتم بأشياء أو مشاهدات أخرى إذا كان يفكر به؟
