الغيرة، طبع في كل مخلوق؛ ولكن التعامل به هو ما يفرّق بين الإنسان الطبيعي وغير الطبيعي أو المريض نفسياً. الغيرة على المصلحة العامة تُسمى حباً للوطن، والغيرة على الأولاد رعاية، والغيرة على الأصدقاء اهتمام، وأما الغيرة على الزوج فهي حب؛ ولكن هناك شروط تحددها حتى لا تتحول إلى عبء نفسي مقيت.

والحقيقة أنه لا يوجد مخلوق لا يشعر أو لا يتمتع بمشاعر الغيرة، ويكذب الكثيرون من مدعي عدمها، وهم يعتقدون أنهم بذلك الادعاء ينفون عن أنفسهم عيباً، علماً أن العيب أن لا تشعر بالغيرة، فهذا يعني أن أحاسيسك متبلدة. والغيرة ليست دائما حسداً، إنما حقيقتها رؤية المثل متجسداً في شخص تصرف في لحظة معينة تجاه موقف ما أو سلوك معين بشيء من الاستغراب أو الانتقاد أو إبداء ملاحظة ما.

فمثلا، عندما تغار ممن يجيد عمله أو ما يؤديه من فعل، فأنت لا تحسده وإنما تحاول أن تكون مثله فيتطور أداؤك.

وعندما تقلد أفعال اللياقة من تصرفات الآخرين فهذا رقي في التعامل.

وعندما تنظر إلى ما لدى الآخرين وتحاول حيازته فهذا يعني أنك وجدت أفضل مما لديك وأكثر فائدة.

وبما أن هناك حدوداً لكل شيء فالحد الأول من تحول احساس الغيرة إلى حسد مقيت؛ هو استحضار قدرة الله الوهاب القادر على تحويل أحلامنا إلى واقع.

فالابتعاد عن فجاجة التصرف، تجعل من تنظر إليه؛ يقدر اهتمامك بما لديه، ويشعر بالإطراء عكس ما قد يحدث إذا شعر بنبرة أو بتصرف يوحي باستكثارك عليه ما يملك.

وبما أن غالبية الغيرة تَشبُّه الناس بمن يحبون، جعلنا الله نتشبه بالصالحين منا، وعزز في نفوسنا وأذهاننا غيرتنا على وطننا.