وهي تتوقع في أربع ليال من الشهر الكريم، فلنجعل هذه الليالي مختلفات، وذلك بخلق طقوس خاصة بها، بأن نجعلها خاصة ومركزة بعبادة الله وحده، بعيداً عن الاحتفالات اليومية بالشهر الكريم. دعونا نغير ما اعتدنا عليه، ونقلد ما تقوم به بعض البيوت في هذه الليالي من ذكر وقراءة القرآن من دون النظر إلى دواعي الترفيه من التجمعات الليلية لمشاهدة برامج التلفزيون وممارسة الألعاب بشتى أنواعها.

إنه شهر كامل نمارس فيه كل ما نحب فليكن حبنا للمغفرة وطلبنا لها وإلحاحنا فيها أكثر في هذه الليالي التي لن تكون إلا في رمضان، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (البقرة: 185) وكما قيل: في هذه الليلة فإن الله يقدّر الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجين والهالكين، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، والجدب والقحط، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- الدخان:4)، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتمتثله. فلنحرص على الصلاة والدعاء في هذه الليلة، فإنها ليلة لا تشبه ليالي الدهر، فلنأخذ بنصيبنا من خيرها الحَسَن.

ليس ما أقول بلبس لعباءة التدين ولكن أمر أذكّر به نفسي قبل الغير، وأدعو الله أن يعيننا جميعاً على طاعته في هذه الليلة المباركة العظيمة. وليس أدل على عظمتها من أن يأتي ذكرها ثلاث مرات متتاليات في سورة واحدة (سورة القدر)، ولأن فيها أنزل الله القرآن، قال جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر:1، 2)، وكذلك قال تبارك وتعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3) صدق الله العظيم.