على أكثر من جبهة يقف الفنان المصري عمرو واكد بالمرصاد للجريمة ولرجال الشرطة الفاسدين وكذلك في مجال الأعمال الفنية الفاسدة، وليس سراً أن مسلسله «أهل إسكندرية» كان سبباً مباشراً في إقالة الإعلامي ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي حسن حامد، من منصبه فقط لأنه قال إن جهةً أمنية ما منعت عرض هذا المسلسل، أما الجبهة الفنية فكانت عبر فيلمه «القط» الذي يفضح عصابات الجريمة وتجار الأعضاء البشرية، ولمواقفه الفنية والإنسانية النبيلة حورب واكد بالشائعات التي كان آخرها أنه فلسطيني الجنسية وليس مصرياً!.
الفنانة سارة شاهين التي تشاركه في الفيلم تسجل إعجابها الكبير بواكد وتشير إلى أنه من القلائل الذين وصلوا «العالم الآخر» لأنه قادر على تغيير جلده في التمثيل، وليس لديه قالب تمثيل يكرره في كل مرة، وتصف تجربتها الفنية البسيطة بالمميزة وأن شخصيتها تغيرت كلياً عما كانت عليه عندما كانت في عمر الـ 18. «أرى» التقت النجمين على هامش «مهرجان أبوظبي السينمائي 2014»، في دورته الثامنة.
عمرو واكد: سألتزم الصمت
الفنان عمرو واكد كان متحفزاً ومتحمساً جداً عندما التقيناه في المهرجان، تكلم كثيراً عن فيلم «القط» وعن حيثياته ومعانيه، كما تطرق إلى الفساد ومهمة الفن في التصدي له، وأشار أن الحرية ستظل موجودة، ومنع الفكرة يجعلها بطلة، ورفضه التوقف عن تقديم الأعمال الهادفة أو مغادرة مصر التي يعشقها.
ما الاختلاف الذي لامسته بين العمل مع المخرج إبراهيم بطوط في فيلم «القط»، وبقية المخرجين الذين تعاملت معهم؟
الفرق الوحيد، أنه قبل المشهد يكتب الممثل الحوار الخاص به يوم التصوير، بالتنسيق مع المخرج، الذي يدور بينه وبين الممثل حديث مطول للتعرف إلى الحوار الذي كتبه الممثل، والوقوف على مختلف النقاط.
كيف وجدت تجربة الإنتاج معه؟
مرهقة قليلاً، خاصةً أننا نعمل بسيناريو دون وجود حوار، الأمر الذي يجعل من الصعب أن تعرف المدة التي سوف يستغرقها المشهد في التصوير، فمثلاً يكون هناك خطة للقيام بمشهدين في اليوم فنفاجأ بأن اليوم انتهى ولم نصور سوى مشهد واحد.
كيف تستطيع الفصل بين كونك منتجاً وممثلاً في عمل واحد؟
أحاول تقسيم الأدوار، فأنا قبل تصوير الفيلم أكون منتجاً، وأثناء التصوير أصبح ممثلاً فقط، وبعد الانتهاء من تصوير العمل كاملاً أعود مرة أخرى منتجاً.
هل تكون نظرتك، وأنت منتج، تجارية؟
إطلاقاً، ولكن في الوقت نفسه أحاول استرجاع الأموال التي تم صرفها على الفيلم، وأنا مؤمن بأن كل المهرجانات تجارية، فليس هناك شيء اسمه فيلم مهرجانات وآخر للجمهور، والأشخاص الذين اخترعوا هذه المصطلحات، هم الذين يخافون من الأفلام المهمة، ولا يستطيعون تقديم مثل هذه النوعية، لذلك حينما يشاهدون فيلماً جيداً يقولون «هذا فيلم مهرجانات» لأنهم يعرفون تماماً أن الأفلام التي تحمل هدفاً إذا سيطرت على السوق فلن يستطيعوا تقديم نوعية الأفلام التي يريدونها. وأنا من وجهة نظري، أجد أن السوق يتسع لكل أنواع الأفلام، فنحن حالياً ننتج أعمالاً أقل بقليل مما المفترض أن توجد.
كيف وجدت ردود الأفعال بعدما تم عرض الفيلم في مهرجان أبوظبي السينمائي؟
سعيد جداً بردود الأفعال التي تلقيتها، وأتمنى أن يكون هذا العرض خطوة جديدة في طريق الفيلم خلال الفترة المقبلة، فالعمل يحمل بين طياته قصة واقعية تحدث كثيراً في حياتنا، حيث يروي الفيلم قصة رجل عصابة يعرف بـ «القط»، وهي الشخصية التي أقوم بتجسيدها، والذي يكتشف ما تقوم به إحدى العصابات التي تخطف الأطفال لتبيع أعضاءهم من خلال حادثة تتعرض لها ابنته الصغيرة «أمينة» التي للأسف تذهب ضحيةً لمثل هذه الأعمال القذرة.
بعيداً عن أجواء المهرجانات والفيلم؛ هل تضايقت من الشائعة التي أطلقت عليك، بأنك تحمل الجنسية الفلسطينية ولست مصرياً؟
يشرفني أن أكون فلسطينياً، فأنا أتضامن معهم ومع قضيتهم وشعبهم الباسل الذي يتعرض باستمرار إلى انتهاكات وقصف وقتل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أتضامن معهم كشاب مصري، فأنا ابن عائلة «واكد» بمحافظة الشرقية، ومهما قالوا أو كتبوا فسأظل أفتخر بكوني مصرياً.
قرار منع مسلسل «أهل إسكندرية»، هل جعلك تفكر في عدم تقديم هذه النوعية من الأعمال مجدداً؟
العكس تماماً، قرار منع المسلسل جعلني أتمسك أكثر بتقديم هذه النوعية من الأعمال، فالعمل سلط الضوء على فساد جهاز الشرطة، وكان من المفترض بدلاً من أن يمنعوه أن يفكروا قليلاً أننا حينما نظهر العناصر الفاسدة، والفرق بينها وبين رجال الشرطة الشرفاء، سوف يعرف المشاهد وكذلك الرجال الشرفاء أن الفساد لن يستمر طويلاً، لأن نهايته محتومه مهما طال الزمن، وقد أكد الإعلامي حسن حامد، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي أن جهة أمنية ما تقف وراء الأمر بوقف عرض المسلسل لأنه يشوه صورة جهاز الشرطة، وبعدها مباشرةً تم إقالة هذا الرجل المحترم بسبب تصريحاته.
ولكن ألم تشعر بعدم وجود حرية للتعبير، الأمر الذي يمثل خطراً على صناعة السينما؟
الحرية ستظل موجودة، فمنع الفكرة يجعلها بطلة، والجمهور متشوق اليوم لرؤية العمل، فهم من دون قصد أسهموا في عمل دعاية له.
أنت اليوم نجم عالمي، ألم يجعلك ذلك تفكر في السفر لأمريكا مثلاً والاستقرار هناك وتجسيد مختلف الأعمال التي ترغب بها دون التعرض للمنع أو مقص الرقابة؟
لن أغادر مصر فهذا بلدي الذي أعشقه، ولن يستطيع أحد منعي من تقديم الأعمال الهادفة، ومهما حدث لن أرد، لأنني مع مقولة «الرد على السفهاء الصمت»، وأنا حالياً أفكر في تقديم عمل آخر جريء وهادف، ولن أتوقف.
هل من الممكن إنتاج فيلم عربي مثل «لوسي» الذي شاركت بطولته مع الممثلة سكارليت جوهانسن؟
لم لا! كل شيء ممكن، ولكن بصراحة أنا كمنتج لن أقوم باتخاذ خطوة إنتاج فيلم ضخم مثل «لوسي» إلا إذا تم عرضه من خلال 2000 شاشة، ونحن في مصر نمتلك بحد أقصى 400 شاشة، فهذه النوعية من الأفلام تحتاج إلى تكلفة إنتاج عالية، لذلك لا بد من وجود شاشات يتم عرض الفيلم خلالها لتغطية تكلفة العمل.
ما الاختلاف الذي لامسته بين العمل في فيلم عالمي وآخر مصري؟
الاختلاف الشديد الذي لامسته أنهم في هوليوود يصنعون الفيلم لأهداف مجتمعية وفنية، أما في مصر فالدوافع ترفيهية فقط لجني الأرباح، فهناك قلة من المخرجين والكتاب تحركهم النزعة المجتمعية والفنية قبل كل شيء مثل داوود عبد السيد وإبراهيم البطوط وأسامة فوزي.
سارة شاهين: وجدت نفسي في «القط»
حالة البحث عن الذات أنهتها سارة شاهين بعدما وجدت نفسها في فيلم «القط»، أو عندما غيرت مسارها أو مزجته ببعض الفن الذي تقول إنها سعيدة جداً لأنها أخذت هذا المنحى الذي غير حياتها.
كثير من المشاهدين يقولون إنهم بحاجة لأكثر من متابعة ليفهموا الفيلم، كم مرة شاهدته؟
شاهدت الفيلم 20 مرة وما زالت كثير من الأشياء بالنسبة لي غير مفهومة، وهذا يعود إلى شخصية المخرج البطوط الذي يمتلك خبرةً كبيرةً في تغطية الحروب، ونظرته للحياة مختلفة كثيراً مقارنةً بشخص لم يدخل في المعاناة ولم يشاهد مآسي الحروب، ونظرته للحياة وأفكاره نابعة من مكان عميق، وفي كل فيلم تكتشف حياته وخبراته وربما يكون من الصعب تلقي هذا على المشاهد، لكن هذا إبراهيم البطوط.
هل هذه المرة الأولى التي تتعاونين فيها مع المخرج البطوط؟
نعم، وهذا فيلمي السينمائي الثاني، فمنذ سنتين عملت مع المخرج أحمد علاء إلى جانب النجوم أحمد عز وروبي وجمانة مراد في فيلم «الحفلة»، وبعدما شاهدت أدائي شعرت أن أمامي مشواراً طويلاً حتى أتكلم على الشاشة كما أتكلم معك وتكون فيه مشاعري غير مصطنعة.
كيف جاءتك الدعوة للتمثيل في «القط»؟
بعد تجربتي البسيطة قلت أنا في حاجة لورشات تمثيل، وقرعت باب شركة عمرو وصلاح «زاد» لأتعلم، وفي الواقع أنا معجبة جداً بعمرو واكد وأحب طريقته في التمثيل، وبالصدفة كانوا يحضرون فيلم «القط» ولم يكن عندي دور فيه، لكن بعدما تعرفت على عمرو وإبراهيم البطوط الذي أعرفه من أفلامه السابقة «عين شمس» و«حاوي» وفوجئت لما شاهدته ولم أتوقع العمل معه، لأني كنت أظن دوري في الإنتاج إلا أني فوجئت بنفسي ممثلة، لأن البداية كانت من حديث يتعلق بالديكور لأني درست ديكور، وعملت في أوراسكوم 3 سنوات، وكنت أفكر بالعمل في التصميم لأن خلفيتي هندسية إلا أني أحب السينما ووجدت نفسي في الفيلم.
لكن سبق وكنت ملكة جمال مصر عام 2001 وكنت تحت الضوء منذ ذلك الوقت، ألم تفكري بدخول السينما منذ لك الوقت؟
وقتها كان عمري 18 سنة وكان والدي متوفى، وكان هو كل حياتي. لكن والدتي شجعتني على الاشتراك في مسابقة ملكة جمال مصر. الموضوع جاء بالصدفة من خلال وجودي مع صديقتي كارين فهمي «ميس إيجبت» وهي من دفعني للمشاركة. قالت لي تعالي وكانت أول صورة لي في حياتي في KLIO Magazine، وكنت في تلك المرحلة أريد التجديد، وكان يوسف سباهي هو صاحب الشركة المنظمة لمسابقة ملكة جمال مصر. وقتها لم يعجبني الضوء، إذ كنت صغيرة وشعرت أني عارية تحت النور.
في الواقع لم أكن لأحتمل كل الصحافة والتليفونات والضوء، لكني تابعت في مهنة «عرض الأزياء»، ودرست في AUC فلسفة وفن ثم سافرت إلى كندا بعدها للماستر لكني قررت دراسة التصميم، ثم سافرت إلى إيطاليا وحصلت على ماجستير في التصميم. عشت فترةً طويلةً خارج مصر وعملت بعدها 3 سنوات، إلا أني احتجت العودة للميديا، وبالصدفة جاء الفيلم «الحفلة» وبقية القصة كما أخبرتك، واليوم أنا أقوى بكثير عما كنت عليه وأنا تحت الأضواء عندما كان عمري 18 سنة.
ما جديدك القادم؟
عندي فيلم جديد مع المخرج هاني خليفة انتهينا من تصوير نصفه حتى الآن، وهو دراما اجتماعية رومانسية كتبها محمد عبد المعطي وطبعاً هاني هو مخرج واحد من أشهر الأفلام من هذا النوع وهو «سهر الليالي»، وما أعجبني في الفيلم أن الكلام حقيقي ويمت للزمن الحالي 2014، ويتكلم عن العلاقات بين الرجل والمرأة حيث تشاهد حياة 10 أبطال على مدى 7 سنوات.
من أبطال الفيلم الجديد؟
هناك كثير من الشخصيات مثل آيتن عامر وأمينة خليل وناهد السباعي وهيثم زكي ونبيل عيسى وريم فهمي وأحمد الفيشاوي وعمر يوسف.
وماذا عن الدراما؟
لكوني من برج الجوزاء فأنا بشخصيتين واحدة في التمثيل والثانية في الهندسة لكني أركز على السينما حالياً، وأفضل أن أكون داخل الصناعة لتكبر وتزداد الأفلام ولو ربحت المال فأنا أريد أن أستثمرها في الصناعة.
لماذا تبدين متفائلة بهذا الخصوص؟
أنا الآن سعيدة في هذه المرحلة من حياتي، لأني وجدت نفسي وأعرف ما أريد.
ماذا عن مشاعرك وأنت تعملين إلى جانب عمرو واكد؟
أنا من المعجبين بتمثيله وهو من الممثلين القلائل الذين وصلوا «العالم الآخر» لأنه من الممثلين القلة القادرين على تغيير جلدهم في التمثيل، وليس لديه قالب تمثيل يكرره في كل مرة. لقد كنت مبهورة بالأداء التمثيلي لبقية الأبطال، وكنت أراقب كل حركة يقومون بها، أتفرج كيف يقولون أدوارهم، وعمرو ساعدني لبناء الشخصية بعدما شرح لي المخرج طبيعتها وطلب مني أن أقوم ببحث عن الشخصية لأعرف كل ما يقال وكل ما يدور حولها، كما طلب مني قراءة مراجع لأفهم ماذا يريد مني بالضبط.
هل كنت أنت من اختار العشرينات؟
أنا لم أكتب شيئاً ولم أشترك في النص الإبداعي الذي ابتكره إبراهيم البطوط، الذي صنع عالماً يتحكم فيه الإنسان، أما لماذا العشرينات فهذا يعود لحبه لمصر وعراقة مصر في العشرينات، خصوصاً أن الأخوين لوميير عرضا فيلماً سينمائياً في الاسكندرية في عشرينات القرن الماضي، وكان الأجانب يأتون إلى مصر وما تمثله عراقة مصر، ولما نرى فاروق الفيشاوي يريد أن يطمئن على مصر فهذا دليل على عراقة وتاريخ مصر الذي يبدأ منذ الفراعنة، ومن هنا منطق العودة إلى العشرينات وهنا رسالته واختياره الرمزي.
