سطعت راية الإمارات مرتين في سماء المغرب، عندما وقفت الشقيقتان مروى واليازية الحمادي على منصات التتويج في بطولتي المضيق وداليا الدوليتين للشراع الحديث، ضمن منافسات فئة «ILCA 4 – بنات». وحققت مروى ذهبيتين متتاليتين.

فيما انتزعت اليازية برونزية ثم فضية في أقل من عشرة أيام، في مشهد نادر يجمع الإخوة تحت شراع واحد، وبطموح واحد، وبلغة المنافسة الراقية التي تؤمن بأن البحر لا يمنح الذهب إلا لمن يستحقه.

وقدمت الشقيقتان عرضاً رياضياً راقياً، جمع بين الاستعداد العالي والتوازن الذهني، وأثبتتا أن الشراع الإماراتي يملك طاقات نسائية واعدة، قادرة على تمثيل الدولة في المحافل الكبرى.

حضور ثابت

أدارت مروى الحمادي شراعها بثقة وسط أمواج المغرب، وواجهت سباقات معقدة بتركيز عالٍ وقدرة لافتة على التعامل مع كل تفصيلة، وتقدمت بثبات أمام تيارات قوية ومنافسة حادة، ونجحت في تثبيت اسمها ضمن أبرز الوجوه الصاعدة في رياضة الشراع.

وواجهت مروى في بطولة المضيق الدولية، التي أقيمت من 28 إلى 30 يونيو الماضي، أصعب لحظاتها الرياضية في ظل مشاركة 121 متسابقاً من 15 دولة، مشيرة في تصريحات لـ«البيان» إلى أن البحر في المضيق كان قاسياً من حيث التيارات والرياح المتقلبة، وأن شعورها بضغط المنافسة لم يمنعها من الثبات، حيث قالت: «اعتمدت على الخبرة والإصرار وثقتي بنفسي، وهذا ما ساعدني على تجاوز كل الصعوبات وتحقيق الذهب».

واعتبرت مروى أن الفارق الأهم في هذه البطولة عن سابقتها كان في نوعية الخصوم، قائلة: «بعض المنافسين يملكون خبرات أولمبية، وآخرون حققوا إنجازات عالمية، وتطلبت طريقة السباق تكتيكاً خاصاً بسبب تعقيدات الجو، وكان التحدي الحقيقي في الثبات الذهني والتعامل الذكي مع التغيرات المفاجئة».

ووصفت مروى هذه المشاركة بأنها من أقوى التجارب التي خاضتها حتى الآن، قائلة: «الحمدلله، حققت المركز الخامس في الترتيب العام (أولاد وبنات)، والمركز الأول في فئة البنات، وهذا إنجاز أفتخر به كثيراً».

واستكملت مروى سلسلة إنجازاتها بعدها بأيام قليلة، خلال مشاركتها في بطولة داليا الدولية التي أقيمت من 4 إلى 6 يوليو الجاري، ونجحت في تحقيق المركز الرابع في الترتيب العام، والأول على فئة البنات، في نتيجة اعتبرتها نقلة نوعية جديدة، قائلة:

«هذه البطولة كانت إنجازاً تاريخياً بالنسبة لي، واجهت خصوماً من دول قوية مثل المغرب وأوروبا وأفريقيا، وكل سباق حمل تحدياً خاصاً».

واختتمت مروى تصريحاتها بالتأكيد على أن ما تحقق لا يمثل سوى بداية، قائلة: «ذهبية المغرب كانت محطة مهمة، لكنها دافع أكبر لما هو قادم، أتواجد حالياً في معسكر تدريبي خاص بالولايات المتحدة، استعداداً لبطولة العالم المقبلة، وهذا شرف كبير لي ولشقيقتي اليازية، أن نكون أول أختين تمثلان الإمارات في هذا الحدث العالمي، وهدفنا واضح وهو المركز الأول».

هدوء نادر

أظهرت اليازية الحمادي هدوءاً نادراً في السباقات، وتعاملت مع أمواج المضيق وتياراته المتقلبة بعقلية اللاعبة التي تعرف متى تهاجم ومتى تتريث، خاضت كل سباق بعزيمة واضحة، لتخرج من تجربتين متتاليتين بمكاسب فنية ونقاط قوة، تثبت من خلالها أن الشراع الإماراتي يملك جيلاً يتطور بثبات ويؤمن بأن المنصات تنتزع بالاستعداد الجيد.

واعتبرت اليازية أن الرياح المتغيرة والتيارات القوية كانت أبرز التحديات، قائلة في تصريحات لـ «البيان»: «تعاملت مع التحديات من خلال قراءة دقيقة لمسار الرياح، والاستفادة من كل لحظة في البحر لاتخاذ القرار الصحيح، وكنت حريصة على أن أكون هادئة وواثقة حتى في أصعب اللحظات».

ووصفت اليازية منافسات المضيق بأنها من أقوى البطولات التي خاضتها، بسبب قوة الخصوم وخبرتهم الدولية، مؤكدة: «دخلت كل سباق بعزيمة وتصميم على تقديم أفضل ما لدي، واتبعت التعليمات الفنية من مدربي بدقة، حتى وصلت بحمد الله للمركز الثالث».

وانتقلت بعدها اليازية إلى المشاركة في بطولة داليا الدولية، وقدمت خلالها أداءً قوياً وثابتاً، توج بالميدالية الفضية، محققة المركز السادس في الترتيب العام (أولاد وبنات)، والثاني في فئة البنات.

وعلقت على هذه المشاركة قائلة: «الحمد لله على الفضية، المنافسة كانت قوية جداً، كنت قريبة من الذهب، لكن في اليوم الأخير احتجت إلى مزيد من الدقة في قراءة تغيرات الرياح، وسأعمل على ذلك في التدريبات المقبلة».

وأشارت إلى أن مشاركتها إلى جانب شقيقتها مروى على منصة التتويج كانت لحظة استثنائية، مؤكدة: «سعادتي كانت مضاعفة لأنني وقفت بجانب أختي، وهذا يمنحنا دافعاً ومسؤولية أكبر في تمثيل دولتنا الغالية».

واختتمت اليازية تصريحاتها بالتأكيد على أن القادم سيكون أكثر تركيزاً، قائلة: «خطتي الآن هي مواصلة الاستعداد لبطولة العالم في أمريكا، وأشعر بالفخر أنني ومروى نمثل الإمارات في هذا الحدث العالمي الكبير».