جسد العدّاء الإماراتي سالم عبدالله الهاشمي، عضو فريق أبوظبي للجري، روح العزيمة والإصرار وأكد أن أبناء الإمارات قادرون على القفز فوق حاجز المستحيل عندما يتعلق الأمر بالتمثيل المشرف لدولة الإمارات في المحافل الخارجية بمختلف القطاعات، بتحقيقه إنجازاً عالمياً في سلسلة ماراثونات المدن الست الكبرى، التي تعتبر من أصعب المنافسات العالمية في رياضة الجري.
حيث نجح في إنهائها بمتوسط زمني يقل عن ثلاث ساعات، وشملت الماراثونات الستة، ماراثون نيويورك وماراثون بوسطن، وماراثون برلين وماراثون شيكاغو وماراثون طوكيو، وماراثون لندن - 2025.
وحظي الإنجاز بتفاعل رسمي وشعبي واسع، إذ استقبله وكرمه سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، رئيس مجلس أبوظبي الرياضي، وأشادت به وسائل الإعلام، وحقق خبر إنجازه العالمي انتشاراً واسعاً في منصات التواصل الاجتماعي التي تداولته بالإشادة والفخر.
«البيان» كان لها هذا اللقاء الخاص مع البطل الإماراتي ليحكي فصول قصة بطولة بدأت بالصدفة وانتهت بإنجاز عالمي.
مرحباً بك كابتن سالم الهاشمي، نبارك لك هذا الإنجاز الكبير.
مرحباً بكم وشكراً لكم، وبداية اسمحوا لي أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة – حفظه الله – وإلى شعب الإمارات كافة، بمناسبة هذا الإنجاز وما يزيد من فخري أنني نجحت في رفع اسم وعلم دولة الإمارات عالياً في واحد من أكبر المحافل الرياضية العالمية في مجال الماراثون.
إهداء
لمن تهدي هذا الإنجاز فعلياً؟
أولاً للقيادة الرشيدة التي علّمتنا أن السماء ما لها حدود، وأن طموح أبناء الإمارات لا يتوقف. كما أهديه لأهلي، وعائلتي الذين كانوا دائماً سندي، ولكل من آمن بقدراتي ودعمني، وفريق أبوظبي للجري المجتمعي، ولا أنسى شريك دربي وصديقي أبو بكر الحوقاني الذي صنع وجوده بجانبي فرقاً كبيراً في الاستمرارية والتحفيز.
صف لنا لحظة تكريمك من سمو الشيخ نهيان بن زايد.
شعرت بالفخر عندما استقبلني وكرمني، والحقيقة أن دعم القيادة الرشيدة هو الدافع الأول في تحقيق الإنجازات والنجاحات على مختلف الصعد.
البداية
كيف بدأت مسيرتك مع رياضة الجري؟ وما أول سباق رسمي شاركت فيه؟
قصتي مع الجري بدأت صدفة فأنا في الأصل لاعب كرة قدم من عمر 7 سنوات، وتدرجت في نادي الوحدة حتى وصلت لعمر 28 سنة، ولعبت أيضاً في الجامعة، وبعدها انتقلت لرياضة كرة الصالات، ومارست رياضة الكروسفت لمدة 4 سنوات، وكان الالتزام الرياضي دائماً جزءاً من حياتي.
ومتى كانت نقطة التحول الحقيقية؟
مع جائحة كورونا خلال فترة الإغلاق، بدأت أتمرن من البيت ولكن لأنني متعود على الرياضة في الهواء الطلق، شعرت بحاجة للخروج وممارسة نشاط بدني خارج إطار المنزل.
فشاركت في أول سباق مجتمعي نظمه مجلس أبوظبي الرياضي 2020، وكانت مسافته 10 كم، وسجلت وقت 41 دقيقة وأشاد بي عداؤون محترفون وشجعوني على الاستمرار.
الماراثونات الستة
عرفنا على سلسلة الماراثونات الستة العالمية التي حققت خلالها الإنجاز؟
السلسلة تضم أقوى وأشهر سباقات الماراثون في العالم. بدأت في عام 2006 بخمسة ماراثونات رئيسية وهي ماراثون نيويورك، ماراثون بوسطن، شيكاغو، برلين، ولندن. وبعدها انضم ماراثون طوكيو في عام 2013، ليصبح عددها ستة ماراثونات.
وما الذي ميز هذه الماراثونات وأضفى عليها صفة العالمية؟
صعوبة الوصول إليها فكل ماراثون له نظام تأهل خاص، وشروط معينة صعبة جداً، مثل التوقيت المطلوب للتأهل، أو الدخول عن طريق قرعة، وبعضها يتطلب دعوات خاصة أو تسجيل عبر جمعيات خيرية، كما أن المسارات تكون بتضاريس وتحديات مختلفة، وعدد المشاركين في كل سباق كبير جداً، يتجاوز عشرات الآلاف.
كيف كان شعورك وأنت تحقق هذا الإنجاز؟
أنا فخور لأنني رفعت اسم علم دولة الإمارات في أكبر المحافل الرياضية العالمية في رياضة الماراثون.
الأصعب والأجمل
ما الأصعب من بين الماراثونات الستة؟ وما الأجمل؟
الأصعب كان ماراثون نيويورك بتضاريسه القاسية حيث يبدأ بصعود أول 1.6 كيلومتر على جسر، وعند الكيلومتر 21، تدخل على جسر ثانٍ، ثم في الكيلومتر 30، تواجه جسراً ثالثاً تركض فيه أكثر من كيلومترين، بدون أي جمهور، بدون أصوات، فقط صوت خطواتك.
وهذا الصمت مع التعب الجسدي يخلق تحدياً نفسياً كبيراً، أما أجمل سباق فكان ماراثون لندن فقد استمتعت بكل لحظة فيه وعند لحظة عبور خط النهاية، واستلام ميدالية الستة ماراثونات الكبرى، كانت لحظة لا أنساها بحياتي.
متى شعرت بأنك ربما استسلمت؟
في ماراثون نيويورك، بعد الكيلومتر 30 تقريباً، شعرت بأن جسمي بدأ ينهار، وشد في رجلي، وكان التعب أكبر من أي شيء مادي، في هذه اللحظة، عدت أتذكر كل التعب الذي عانيته خلال فترة التحضير، تذكرت عيالي، وتضحياتي، والساعات اللي قضيتها في التمارين بعيداً عنهم.
تذكرت الهدف، والإنجاز، والمقولة التي دائماً ترد في بالي (الألم مؤقت، لكن المجد يدوم) وهذا ما جعلني أكمل، وتأكدت من حقيقة أن التحضير الذهني للماراثون مهم جداً لأنه يعينك على تحمل الألم وتجاوز تحديات الطريق.
كيف استطعت أن توازن بين التمارين، والحياة اليومية، والتحديات النفسية؟
لم يكن الأمر سهلاً ولكن عندما تضع هدفاً نصب عينيك ورؤية تؤمن بها، تبدأ تلقائياً تزيل كل المعوقات وتخفف من أي حواجز من الممكن أن تعيق طريقك.
ما أبرز عامل ساعدك على تحقيق هذا الإنجاز؟
إدارة الإجازات السنوية بشكل مدروس، كنت أخصص رصيدي السنوي من الإجازات للمشاركة في الماراثونات، وأمثل الدولة بشكل مشرف، وذلك يتطلب الاستمرارية في السعي، وفي الالتزام، وفي تطوير النفس.
رسالة
رسالتك للشباب الذين يفقدون الحماس بسرعة في تحقيق الهدف؟
الحقيقة فإن الوصول السريع ما يكون دائماً هو الأفضل، لكن الأهم من ذلك هو الاستمرارية، وبناء مسيرة مستدامة توصلك لهدفك بدون أن تتعرض للإصابات أو الإرهاق، ودائماً أستشهد بنماذج عالمية مثل كريستيانو رونالدو، ميسي، وحتى محلياً الكابتن إسماعيل مطر. كلهم نماذج للاستمرارية والحفاظ على أنفسهم بدنياً وذهنياً على مدى سنوات طويلة.
هل لديك حلم جديد بعد إنجاز الماراثونات الستة؟
كل إنجاز هو بداية لحلم جديد، ومن منا لا يحلم بأن يرى اسم وعلم دولته مرفوعاً في الأولمبياد؟ كما أتمنى أن أكون سبب إلهام لأي شاب إماراتي يدخل مجال ألعاب القوى، ويواصل حتى يحقق ميدالية أولمبية باسم الدولة.
وهدفي أن أرسل رسالة مفادها أن أبناء الإمارات قادرون، وأن رياضتنا في تطور مستمر والجيل الجديد لديه كل الإمكانيات ليبدع.
مستقبل مشرق
كيف ترى مستقبل رياضة الجري في الإمارات؟
مستقبل رياضة الجري في دولة الإمارات مشرق جداً، وما نراه اليوم من تطور هو نتيجة جهود كبيرة واهتمام واضح من القيادة الرشيدة والمجالس الرياضية.
ما أبرز العوامل التي ساهمت في نشر ثقافة الجري بالدولة؟
إنشاء مسارات مخصصة للجري في الأحياء السكنية، وتشكيل فرق مجتمعية مثل، فريق أبوظبي للجري، المدعوم من مجلس أبوظبي الرياضي، إلى جانب تنظيم سباقات مجتمعية مجانية مفتوحة لكل فئات المجتمع.
مشوار الألف ميل
ما النصائح التي تريد أن توجهها للشباب؟
أقول لكل شاب يطمح إلى التطور والمجد: ابدأ لا تنتظر الظروف المثالية، ولا تستصغر أي خطوة، لأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وشخصياً بدأت الجري للمتعة، في سباق مجتمعي لمسافة 10 كم، واليوم، بعد أقل من خمس سنوات، حققت إنجازاً عالمياً بإتمام الستة ماراثونات الكبرى في أقل من ثلاث ساعات.