في ملاعب نادي النصر بدبي، تلمع موهبة شابة استطاعت أن تفرض اسمها على خارطة الريشة الطائرة الإماراتية والعربية، هي فرح إبراهيم الحجي، اللاعبة التي لا يتجاوز عمرها 19 عاماً، لكنها تحمل في جعبتها رصيداً حافلاً من التجارب والخبرات التي راكمتها على مدار أكثر من عقد كامل من الممارسة، منها ثلاث سنوات من التدريب المكثف والاحترافي ضمن صفوف المنتخب الوطني.
هذا المشوار المبكر الممزوج بالشغف والانضباط، مكنها من تحقيق إنجازات لافتة على المستويين المحلي والدولي، لتتحول من موهبة ناشئة إلى اسم لامع يطرق أبواب المنافسات العالمية، مدفوعة برغبة لا تهدأ في تطوير قدراتها وتمثيل الإمارات بأبهى صورة في المحافل الكبرى.
وأكدت فرح لـ «البيان» أن شرارة شغفها بلعبة الريشة الطائرة انطلقت وهي ما زالت في الصف الرابع الابتدائي، حين فتحت لها معلمتها سهاد عويس الباب نحو عالم جديد سيصبح فيما بعد مسار حياتها الرياضي، ومنذ تلك اللحظة، تحولت اللعبة من نشاط مدرسي إلى جزء لا يتجزأ من يومياتها وأحلامها، قائلة: «كنت أمارس كرة القدم إلى جانب الريشة الطائرة، لكنني وجدت نفسي أكثر انجذاباً للريشة لما تتطلبه من سرعة بديهة ودقة في الحركة، فقررت التركيز عليها والتوقف عن لعب كرة القدم، بدأت أتدرب بعد المدرسة تحت إشراف الكابتن محمود طيفور، الذي كان له دور محوري في تطوير مهاراتي وتشجيعي على المضي قدماً، وزرع في الانضباط وروح التحدي».
وكان المسار الذي سلكته فرح نحو منصات التتويج حافلاً بالمحطات البارزة التي تركت بصمة واضحة في مسيرتها، فقد كانت أولى تجاربها الدولية التي أعلنت عن بزوغ اسم واعد في بطولة غرب آسيا بالبحرين عام 2021، حيث أحرزت المركز الثالث في زوجي السيدات، لتخط أولى خطواتها على الساحة الخارجية، تلا ذلك تألق لافت في دورة الألعاب الخليجية الأولى للشباب التي استضافتها الإمارات عام 2024، حين صعدت إلى منصة التتويج ثلاث مرات متتالية؛ المركز الثاني في فردي السيدات، والمركز الثاني في زوجي السيدات، والمركز الثاني في منافسات الفرق، مؤكدة قدرتها على المنافسة في أكثر من فئة، ولم تتوقف مسيرة الإنجازات عند هذا الحد، إذ نالت وصافة دورة الشيخة هند للألعاب الرياضية للسيدات عام 2024 في فردي السيدات، إلى جانب حصيلة من النتائج المتميزة في بطولات محلية ودولية تعكس تطورها المستمر وثبات مستواها الفني.
وقالت فرح: «كل بطولة أخوضها تمنحني خبرة جديدة وتكشف لي نقاط قوة وضعف، وتجعلني أكثر استعداداً للمنافسات المقبلة، الإنجازات التي حققتها حتى الآن تعتبر بداية، وأطمح إلى المزيد».
ولم يخل مشوار فرح من التحديات، إذ واجهت منذ المراحل الأولى من التزامها الجاد بالرياضة صعوبة في الموازنة بين متطلبات الدراسة وبرنامج التدريبات المكثف، موضحة: «كان الوقت محدوداً والجهد كبيراً، لكن بدعم أسرتي ومدربي، وبفضل تنظيم وقتي بشكل فعال، تمكنت من تجاوز هذه الصعوبات والحفاظ على استمراريتي، وأعد ذلك من أبرز إنجازاتي الشخصية».
واقع اللعبة
وترى فرح أن رياضة الريشة الطائرة في الإمارات تعيش مرحلة انتقالية مهمة، شهدت خلالها نقلة واضحة في مستوى الانتشار والاهتمام خلال السنوات الأخيرة، موضحة أن اللعبة، التي كانت في بداياتها محدودة المعرفة لدى الجمهور، أصبحت اليوم تحظى بقاعدة أكبر من الممارسين والممارسات، مع تزايد عدد الأندية والمراكز التي توفر تدريبات متخصصة، وظهور مواهب شابة قادرة على المنافسة، وأشادت فرح بالدور الكبير الذي تقوم به نورة الجسمي، رئيسة اتحاد الإمارات للريشة الطائرة، في دعم وتطوير اللعبة، مؤكدة أن تنظيم البطولات المحلية والدولية، وتوفير فرص الاحتكاك مع مدارس مختلفة حول العالم، ساهم بشكل ملموس في رفع المستوى الفني للاعبات واللاعبين، وعكس صورة مشرفة عن الريشة الطائرة الإماراتية التي تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
أما عن طموحاتها، فأكدت فرح أن سقف أهدافها لا يتوقف عند حدود البطولات المحلية أو الإقليمية، بل يمتد إلى المنافسة في أكبر المحافل الدولية، مضيفة: «أطمح أن أشارك في بطولات كبرى وأرفع علم الإمارات، وأن أواصل تطوير مهاراتي حتى أصل إلى مكانة مرموقة على المستوى العالمي، كما أتمنى أن أكون قدوة للاعبات الجدد في الدولة، لأثبت لهن أن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يفتح الأبواب أمام أي رياضية لتحقيق أحلامها».
