من قلب صالات التدريب في نادي النصر، برزت موهبة إماراتية شابة، رسمت لنفسها طريقاً مختلفاً في رياضة بدأت تكسب حضورها بثبات داخل الدولة.

مريم الحامد، ذات الـ 16 عاماً، اختارت مضرب الريشة الطائرة لتبدأ به رحلة طموح لا تعرف السقف، مؤكدة أن الفتيات الإماراتيات قادرات على التميز في مختلف الرياضات.

منذ أن أمسكت بمضرب الريشة الطائرة لأول مرة، خلال أحد الأنشطة المدرسية، شعرت مريم بانجذاب فوري نحو اللعبة، ومع أول تجربة تنافسية حققت فيها مركزاً متقدماً، أدركت أن ما تملكه من موهبة يستحق أن يصقل ويطور، قائلة لـ«البيان»:

«استوقفتني سرعة اللعبة وتكتيكها، ومع أول مشاركة لي في بطولة الدولة للفئات العمرية عام 2022، التي حققت فيها مركزاً متقدماً، أدركت أن لدي موهبة حقيقية تستحق أن أعمل على تطويرها».

من هناك بدأت خطواتها الأولى في مشوار تنافسي متصاعد، فأصبحت من أبرز الوجوه الصاعدة في الفئات السنية، وتابعت: «شاركت في عدد من البطولات المهمة، من بينها بطولة غرب آسيا، التي أقيمت في الكويت عام 2022.

حيث أحرزت ميداليتين في منافسات الفردي والزوجي، ثم بطولة الخليج للشباب عام 2023، وبطولة غرب آسيا بعُمان عام 2024، التي حققنا خلالها ميدالية ضمن منافسات الفرق، وهو إنجاز أعتز به كثيراً».

ومع تزايد مشاركاتها وتطور مستواها الفني وجدت مريم في نادي النصر بيئة احترافية نقلتها إلى مستوى جديد من الالتزام والانضباط، كانت التدريبات محطات تعليمية حقيقية، تعلمت فيها كيف تقرأ الخصم، وتوظف مهاراتها في اللحظات الحاسمة، وتتعامل مع الفوز والخسارة بعقلية ناضجة، حيث قالت:

«النادي والمدربون ساعدوني كثيراً في تطوير مستواي، سواء من حيث اللياقة البدنية أو تقنيات اللعب الذكي داخل الملعب، ولا أنسى دعم مدربي الكابتن محمود طيفور، والمدربة سهاد عويس، والكابتن زيد قصاص، الذين آمنوا بقدراتي منذ البداية، وحرصوا دائماً على تطوير أدائي».

وتابعت: «كل بطولة كنت أشارك فيها كانت تشكل خطوة إضافية نحو نضجي الرياضي، تعلمت من كل فوز وكل خسارة».

تحديات الطريق

لم يكن مشوار مريم سهلاً، فكما هو حال كل رياضي طموح، واجهت منذ بداياتها تحديات متداخلة ما بين الالتزام الدراسي والجدول التدريبي المكثف، وهو ما يتطلب مجهوداً مضاعفاً وتخطيطاً دقيقاً للحفاظ على التوازن، حيث صرحت:

«من أبرز التحديات كان التوفيق بين الدراسة والتدريبات اليومية، خصوصاً وقت الامتحانات، لكن بفضل تنظيم الوقت والتشجيع من أهلي ومدرستي، استطعت تجاوز هذه المرحلة.. كذلك فإن التنافس في بطولات قوية يفرض ضغطاً نفسياً، لكن تعلمت كيف أتعامل معه».

ورغم صعوبة المرحلة أكدت مريم أن وجود أسرتها إلى جانبها كان عنصراً حاسماً في قدرتها على الاستمرار، فلم يكن دعمهم مقتصراً على الحضور في المباريات، بل شمل أيضاً المساندة اليومية والتشجيع المستمر، وتهيئة أجواء نفسية مريحة داخل البيت وخارجه، بما يخفف من ضغوط التدريبات والمنافسات، واستحضرت موقفاً لا يزال محفوراً في ذاكرتها، قائلة:

«عائلتي كانت دائماً موجودة في المباريات، يدعمونني بالكلمة والتشجيع، ولا أنسى لحظة فوزي في أول بطولة خارج الدولة، عندما عدت إلى البلاد كانوا في استقبالي بالمطار بفخر وفرحة كبيرة.. ذلك الموقف منحني دفعة معنوية كبيرة، وجعلني أدرك أن هذا المشوار لا أقطعه وحدي، بل معهم».

لا تنظر مريم الحامد إلى ما حققته خلال السنوات الماضية على أنه محطة نهائية، بل تعتبره خطوة أولى في طريق طويل يتطلب الكثير من العمل والتضحيات، وتؤمن بأن لكل إنجاز قيمته، لكن التحدي الحقيقي في نظرها يبدأ عندما يتحول الطموح من المحلي إلى القاري، ثم إلى العالمي، موضحة:

«طموحي الكبير هو تمثيل وطني الإمارات في البطولات القارية والعالمية، مثل دورة الألعاب الأولمبية ، أطمح أن أكون من أوائل الإماراتيات اللاتي يرفعن اسم الدولة عالياً في رياضة الريشة الطائرة، وأن أكون قدوة لأي فتاة تحلم بخوض هذا المجال». وفي ختام حديثها وجهت مريم رسالة تشجيعية للفتيات الإماراتيات الراغبات في دخول عالم الرياضة.

مؤكدة أن الطريق مفتوح لكل من تمتلك الشغف والرغبة في التميز، قائلة: «رسالتي لكل فتاة إماراتية؛ لا تترددي في خوض أي مجال تحبينه، خصوصاً الرياضة.. لعبة الريشة الطائرة ممتعة، وتعلمك الالتزام والثقة بالنفس، إذا كان لديك الشغف فبإمكانك الوصول، وستجدين الدعم من أسرتك ومجتمعك».