عاد منتخب الإمارات للقوس والسهم من مدينة تشاتيش السلوفينية، حاملاً ثلاث ميداليات قارية (فضيتان وبرونزية) ضمن منافسات كأس أوروبا للشباب، ليكتب فصلاً جديداً في مسيرة اللعبة التي باتت تفرض نفسها بقوة على خارطة الرياضات التنافسية في الدولة.

وأحرزت اللاعبة سامية مقصود فضية فئة القوس المحدب تحت 18 سنة، كما نالت فضية ثانية إلى جانب زميلها خليفة مصبح الكعبي في منافسات الفرق المختلطة، بينما حقق الثلاثي خليفة مصبح الكعبي ومنصور سعيد الكتبي وعلي يعقوب الميدالية البرونزية في مسابقة الفرق للذكور تحت 18 سنة.

هذا الحضور اللافت في بطولة تعد من أبرز ساحات الاحتكاك القاري، جاء نتيجة عمل طويل الأمد وخطط تطويرية اعتمدها الاتحاد، ودعمتها الإرادة الفنية لدى اللاعبين، والروح الوطنية التي تجلت في تفاصيل المشاركة.

واعتبرت نورا المرزوقي، عضو مجلس إدارة اتحاد الإمارات للقوس والسهم، أن ما قدمه المنتخب الوطني في البطولة الأوروبية الأخيرة يعد ترجمة حقيقية لحجم العمل والجهود المبذولة.

وقالت لـ«البيان»: «أداء المنتخب كان مشرفاً، ويعكس قدرتنا على المنافسة أمام نخبة المنتخبات الأوروبية، لاعبونا خاضوا مواجهات أمام فئات عمرية أكبر منهم سناً، وتفوقوا في العديد منها، وهو ما يؤكد أن رياضة القوس والسهم في الإمارات تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق إنجازات أكبر على الساحة الدولية».

ورداً على سؤال حول الأسباب التي تقف خلف هذا التطور الملحوظ، أوضحت نورا المرزوقي أن النجاح لم يكن ليتحقق دون وجود أساس متين وخطط مدروسة بدأت تؤتي ثمارها تدريجياً، قائلة: «البرامج التدريبية المكثفة، والدعم الفني من المدربين، وتوفير بيئة تنافسية قوية من خلال المعسكرات والبطولات المحلية، كلها عوامل أساسية ساعدت اللاعبين على اكتساب الخبرة والثقة بالنفس».

وأضافت: «نحرص على بناء اللاعب منذ المراحل الأولى، من خلال ترسيخ ثقافة الانضباط والالتزام الذهني، وهي أمور لا تقل أهمية عن الجوانب الفنية، كما أن مشاركة اللاعبين في بطولات خارجية خلال الموسم ساهمت كثيراً في تعزيز جاهزيتهم النفسية وقدرتهم على مواجهة الضغوط في المحافل القارية».

وفيما يتعلق بالدور الذي يقوم به مجلس إدارة اتحاد القوس والسهم، شددت نورا المرزوقي على أن فئة الشباب تمثل أولوية رئيسية ضمن الرؤية المستقبلية للاتحاد، لما تمثله من قاعدة صلبة لمستقبل اللعبة، قائلة: «مجلس الإدارة يضع هذه الفئة في صميم خططه الاستراتيجية، من خلال الدعم الفني واللوجستي، وتبني برامج تطويرية مستمرة.. نحن نحرص على ضمان استمرارية هذه النتائج عبر خطط طويلة المدى تشمل استقطاب المواهب، وتطوير الكوادر التدريبية الوطنية، وتكثيف المشاركات الخارجية التي ترفع من مستوى الجاهزية الفنية والنفسية للاعبين».

وأضافت: «العمل لا يقتصر على الإنجاز في بطولة واحدة، بل يقوم على بناء منظومة مستدامة تعتمد على المتابعة والتقييم والتحديث المستمر للخطط، لضمان تطور اللاعبين والارتقاء بأداء المنتخبات الوطنية في جميع الفئات».

وتطرقت نورا المرزوقي إلى الحديث عن أداء اللاعبة سامية مقصود، التي تألقت في البطولة، مشيدة بما قدمته قائلة: «سامية قدمت أداءً رائعاً وثابتاً، وأظهرت شخصية قوية داخل الميدان.. نراها مشروع بطلة قادمة، ولديها كل المقومات للاستمرار في المنافسة على أعلى المستويات، وسنواصل دعمها لتكون من الركائز الأساسية للمنتخب».

وأكدت نورا المرزوقي أن هذه البطولة تمثل محطة تأسيسية مهمة في طريق بناء جيل أولمبي جديد، لما وفرته من احتكاك قوي وتجربة تنافسية حقيقية أمام منتخبات مرموقة، قائلة: «الإنجازات التي تحققت هنا تمنح اللاعبين دفعة معنوية كبيرة، وتضعنا على الطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافنا في الألعاب الآسيوية والأولمبية، من خلال إعداد منظومة متكاملة تجمع بين التخطيط الفني والإداري طويل المدى».

وأضافت: «ننظر إلى هذه المشاركات على أنها خطوة من سلسلة محطات ضرورية تبنى فيها الثقة، وتتراكم من خلالها الخبرات.. فكل بطولة نخوضها خارجياً تشكل فرصة لمراجعة الأداء، وتعزيز الجاهزية، والاقتراب أكثر من مستوى المنتخبات العالمية التي نطمح إلى مقارعتها بثقة في المستقبل القريب».

وأشارت المرزوقي إلى أن اتحاد القوس والسهم يحرص على دمج الأهداف قصيرة المدى، مثل تحقيق النتائج في البطولات القارية، مع الرؤية الأشمل التي تسعى إلى الوصول بالمنتخب إلى منصات التتويج في البطولات الكبرى، عبر مراحل إعداد مدروسة تتضمن معسكرات خارجية، وتوسيع قاعدة الاختيار، ومتابعة دقيقة لمؤشرات الأداء الفني والنفسي للاعبين.