من قلب نادي كلباء الرياضي الثقافي، خرجت طفلة تحمل طموحاً أكبر من عمرها، ولوحاً شطرنجياً تكتب عليه خطواتها بثقة هادئة، وابتسامة لا تغادر ملامحها حتى على رقعة المنافسة.

في التاسعة من عمرها، استطاعت شيخة سالم المزروعي أن تفرض اسمها في ساحة الشطرنج الإماراتي، وتحجز لنفسها مكاناً بين المواهب الواعدة التي تسير بثبات نحو العالمية.

عادت شيخة قبل أسابيع من مشاركتها الأولى في بطولة العرب للشطرنج للفئات العمرية، التي أقيمت في المملكة المغربية، وهي تحمل في ذاكرتها تجربة استثنائية.. وفي تصريحات لـ«البيان»، قالت: «كانت أجمل لحظة في حياتي حين تم اختياري لتمثيل الإمارات في بطولة العرب.. شعرت بسعادة كبيرة ومسؤولية أكبر، وكنت حريصة على تقديم أفضل مستوى لدي».

ورغم حداثة تجربتها في المشاركات الخارجية، أظهرت شيخة نضجاً واضحاً على الرقعة، مستفيدة من حصيلة بطولاتها المحلية التي كانت شاهدة على صعودها السريع.

بداية القصة

لم تكن رحلة شيخة مع الشطرنج طويلة، لكنها كانت مليئة باللحظات التي رسخت موهبتها منذ خطواتها الأولى على الرقعة.. فخلال عامين فقط، استطاعت أن تجمع في رصيدها مجموعة من الإنجازات اللافتة، كان أبرزها ذهبية بطولة الإمارات للشطرنج الخاطف 2025 لفئة تحت 12 سنة التي أقيمت في نادي الشارقة الثقافي، وذهبية مهرجان ربيع العين للشطرنج السريع لفئة تحت 10 سنوات، إلى جانب فضية بطولة الإمارات لعام 2024 تحت 8 سنوات، وفضية بطولة حمدة بنت تريم الخيرية للشطرنج في العام نفسه.

واسترجعت شيخة بدايتها مع اللعبة قائلة: «بدأت ممارسة الشطرنج عندما كنت في الصف الثاني، وشاركت في أول بطولة ضمن الأولمبياد المدرسي.. يومها حصلت على المركز الثاني والميدالية الفضية، وكانت تلك اللحظة الأولى التي جعلتني أحب اللعبة وأرغب في الاستمرار».

وفي تفاصيل حديثها عن الشطرنج، ظهر الشغف الصادق لشيخة، ذلك الذي لا يتوقف عند الفوز فحسب، بل ينعكس في كل حركة على الرقعة.. إذ قالت بابتسامة طفولية: «أحب الشطرنج كثيراً، والقطعة المفضلة لدي هي الوزير، لأنه يتحرك بحرية.. ونقلتي المفضلة هي التبييت القصير، لأنها تحمي الملك وتشعرني بالأمان».

ورغم سنها الصغيرة، تدير شيخة يومها بانضباط لافت، موزعة وقتها بين المدرسة والتمرين، حيث أوضحت: «أحرص على مراجعة دروسي يومياً وأداء واجباتي، وبعدها انتقل إلى التدريب في النادي.. أتدرب تقريباً 4 أيام في الأسبوع، وأستمتع بكل حصة تدريبية لأنها تقربني من هدفي».

دعم عائلي

الشغف وحده لا يكفي، فقد وجدت شيخة في عائلتها السند الحقيقي، وفي مدربها الداعم الفني الذي آمن بموهبتها مبكراً.. قائلة: «عائلتي هي الداعم الأول لي في كل البطولات، ودائماً يقفون بجانبي.. كما أنني أعتز بالكابتن جعفر محمد عيسى من نادي كلباء، الذي كان له دور كبير في تطور مستواي، ورافقني في كل خطواتي حتى صعودي إلى منصات التتويج».

وحين سألناها عن قدوتها، لم تتردد شيخة في الإجابة: «قدوتي هو الأستاذ الكبير سالم عبدالرحمن، أحب متابعته، كما أحب مشاهدة مباريات الشطرنج أونلاين، وألعب كثيراً على الإنترنت لأنها تطور مهاراتي».

وعن طموحاتها المستقبلية، قالت: «أحلم أن أصبح أستاذة دولية كبيرة في الشطرنج، وأمثل دولة الإمارات في البطولات العالمية».