من أعماق البحر إلى منصات التتويج، تواصل ضحى البشر، لاعبة منتخب الإمارات للشراع الحديث، رسم ملامح مسيرة رياضية صاعدة، تؤمن بالإصرار أساساً، وبالاستعداد طريقاً، وبأن كل موجة تحمل معها فرصة جديدة لاختبار الذات ومراكمة الخبرة.. ابنة الـ 21 عاماً أثبتت أن البحر لا يخيف من يعرف كيف يقرأ اتجاهاته، ولا يتردد من تعلم كيف يطوع الريح لصالحه.

وفي مشاركتها ببطولة المضيق الدولية، التي أقيمت خلال الفترة من 28 إلى 30 يونيو الماضي، افتتحت ضحى البشر حضورها في صيف المنافسات الخارجية بالتتويج بالميدالية الذهبية عن فئة «ILCA 6 – إناث»، في بطولة شهدت أجواء متقلبة ومنافسة قوية من بحارات المنطقة.. ولم تكتف ضحى بذلك، بل عززت إنجازها بعد أيام قليلة فقط، حين شاركت في بطولة داليا الدولية، التي نظمتها جمعية داليا للرياضات البحرية خلال الفترة من 4 إلى 6 يوليو 2025، ونجحت مرة أخرى في اعتلاء منصة التتويج ونيل ذهبية جديدة في الفئة ذاتها، مؤكدة جدارتها بالحضور القوي في المحافل الخارجية، وثبات مستواها في مواجهة الظروف والتحديات.

وجاء تحقيق ضحى البشر لميداليتين ذهبيتين في أسبوع واحد فقط، لترسخ مكانتها واحدة من أبرز الوجوه الصاعدة في رياضة الشراع الإماراتية، ولتضع نفسها على طريق واضح نحو الأهداف الكبرى التي تسعى إليها، وفي مقدمتها التمثيل الأولمبي في لوس أنجلوس 2028.. ويتطلب مشوارها الكثير من العمل والاستمرارية، غير أن ضحى تثبت في كل مرة أنها مستعدة لخوض التحدي، ومؤهلة للذهاب بعيداً في المنافسات القارية والدولية.

وكشفت مشاركة ضحى في بطولة داليا تحديداً عن تطور ملحوظ في مستواها، من خلال قدرتها على التعامل مع الظروف الجوية الصعبة، وتجاوز التحديات الفنية والمناخية، وسط منافسة قوية وميدانية حقيقية تطلبت دقة وهدوءاً وتركيزاً ذهنياً عميقاً.

وفي تصريحات لـ«البيان»، قالت ضحى إن بطولة داليا كانت مختلفة، وإن البحر في المغرب له طبيعته الخاصة، والرياح كانت متغيرة وأقوى مما اعتادت عليه، وهو ما جعل المنافسة أكثر صعوبة، والتجربة أكثر فائدة، وأكدت أنها تعاملت مع هذه التحديات من خلال قراءة دقيقة للرياح، مع الانطلاقة القوية، والحفاظ على التركيز طوال السباقات، مشيرة إلى أن كل سباق كان بالنسبة لها فرصة للتعلم والتقدم خطوة نحو الفوز.

ولفتت إلى أن التحضير للبطولة شمل أيضاً التهيئة النفسية، قائلة: «تدربت قبل البطولة في الموقع نفسه،

مما ساعدني على فهم الرياح والتيارات.

كما جهزت نفسي ذهنياً لتقبل أي تغيير والتصرف بسرعة»، ورغم الظروف الجوية المتقلبة، أظهرت ضحى ثباتاً واضحاً طوال أيام المنافسة، حيث قالت: «اعتمدت على التركيز الذهني الكامل والقراءة السريعة للظروف المتغيرة، مما ساعدني على اتخاذ قرارات دقيقة والحفاظ على الصدارة».

خبرات

وأضافت تجربة بطولة داليا الكثير إلى رصيد ضحى من الخبرات، حيث شكلت بالنسبة لها محطة مهمة على المستويين الفني والذهني، ومجالاً مفتوحاً لاختبار الذات في بيئة تنافسية مختلفة.

ولخصت مكاسبها من هذه المشاركة بقولها: «تعلمت أهمية التركيز والمرونة في اتخاذ القرار، وأن الثبات تحت الضغط يصنع الفرق.. كل تجربة تضيف لي وتزيد من جاهزيتي للمستقبل».

أما عن المرحلة المقبلة، فأكدت ضحى أن العمل لا يتوقف، وأن طموحاتها تمتد إلى ما هو أبعد من منصات التتويج الإقليمية، قائلةً: «أستعد حالياً لمعسكرات خارج الدولة وبطولات دولية بإذن الله، والطموح ما زال أكبر».

ويعد هذا الإنجاز امتداداً لتألق ضحى في المحافل الخارجية، ورسالة واضحة على نضوجها الفني والذهني، وجديتها في تمثيل الإمارات بأفضل صورة ممكنة في البطولات الإقليمية والدولية، خصوصاً مع اقتراب المحطات الكبرى في المواسم المقبلة، وفي مقدمتها التصفيات المؤهلة إلى الأولمبياد، التي تتطلب مستوى ثابتاً، وخبرة متراكمة، واستعداداً ذهنياً متكاملاً، وهي عناصر باتت حاضرة بوضوح في شخصية ضحى داخل البحر.