من خطواتها الأولى على بساط التايكوندو في طفولتها أثناء إقامتها في كوريا الجنوبية، إلى اعتلائها منصات التتويج في البطولات الدولية، نسجت اللاعبة الشابة أوليفيا دارجي حكاية نجاح ملهمة، تروي فصولها بإصرار وانضباط، وتوثقها الميداليات التي حصدتها باسم الإمارات، البلد الذي احتضن موهبتها ووفر لها البيئة التي صقلت قدراتها.

ابنة السابعة عشرة، التي بدأت رحلتها مع التايكوندو وهي في الرابعة من عمرها، تمثل اليوم مركز «رايز» في أبوظبي، وتعد من أبرز الوجوه الصاعدة على الساحة الرياضية، إذ حققت مع فريقها ميداليتين دوليتين في منافسات القتال لعام 2025، برونزية بطولة بلغاريا المفتوحة وفضية بطولة دوبنيتسا المفتوحة، أما مع منتخب الإمارات الوطني، فقد سطرت اسمها في سجل الشرف بحصولها على ذهبية وفضية في بطولة الجمنازياد المدرسية العالمية، التي استضافتها البحرين وينظمها الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية (ISF)، وذلك في منافسات القتال و«البومسي».

لحظة فارقة

وفي مقابلة مع «البيان»، وصفت أوليفيا مشاركتها في بطولة الجمنازياد المدرسية العالمية بأنها واحدة من أبرز المحطات في مشوارها حتى الآن، لما حملته من منافسات قوية وأجواء مميزة جمعت لاعبين من مختلف دول العالم، قائلة: «أبرز لحظة بالنسبة لي كانت حصولي على ذهبية وفضية في هذه البطولة، فقد كان شعور الفخر كبيراً عندما احتفلت برفع علم الإمارات مع فريقي، خصوصاً وأن هذه اللحظة جاءت بعد أشهر من التحضيرات المكثفة والتدريبات اليومية».

وعن تجربتها مع منتخب الإمارات المدرسي التابع لوزارة التربية والتعليم، أكدت أوليفيا أن هذا التمثيل يمثل محطة مهمة في مسيرتها، قائلة: «فنياً، أتاحت لي هذه التجربة فرصة التدريب تحت إشراف المدربة منى زاكيني، صاحبة الخبرة العالية، وهو ما ساعد على تطوير أدائي بشكل ملحوظ، بينما على الصعيد الشخصي، منحتني فرصة تكوين علاقات قوية مع زملائي في المنتخب، وهو ما جعل أجواء المنافسات أكثر انسجاماً ودعماً متبادلاً بيننا».

تحديات وتضحيات

لم تكن مسيرة أوليفيا سهلة، فقد واجهت العديد من الصعوبات، وعلى رأسها التوفيق بين متطلبات الدراسة والتزاماتها الرياضية المكثفة، وقالت في هذا السياق: «الأداء على هذا المستوى يتطلب تخطيطاً وتنظيماً دقيقين وإدارة وقت فعالة للحفاظ على تفوقي الدراسي، التدريب اليومي والسفر للمشاركة في المعسكرات والبطولات، يستغرقان وقتاً وجهداً كبيرين، وهو ما يفرض أحياناً تقليص الأنشطة الاجتماعية والتخلي عن بعض اللحظات العائلية، في سبيل تحقيق أهدافي الرياضية».

ورغم هذه التحديات، أكدت أوليفيا أن الدعم الذي تلقته من مدربيها وأسرتها كان حجر الأساس في استمرارها على هذا الطريق، مشيرة إلى أن مسيرتها ما كانت لتصل إلى هذه المرحلة لولا وجود أشخاص آمنوا بقدرتها منذ البداية، قائلة: «الكابتن طارق الحبايب عثمان كان له الفضل الأكبر في صقل مهاراتي منذ كنت طفلة صغيرة، فقد غرس فيّ الانضباط وروح التنافس، وعلمني أهمية العمل المستمر لتحقيق الأهداف، أما المدربة منى زاكيني، فكانت سنداً دائماً لي، وفتحت أمامي أبواب المشاركة في البطولات الوطنية والدولية، ما منحني خبرة واسعة في مواجهة مدارس مختلفة، والمدرب ميلاد وطني يمتاز بحماسه الكبير وحرصه الدائم على أن أكون في قمة جاهزيتي عند تمثيل الإمارات، إذ يتابع معي كل تفاصيل التحضير بدقة».

وأضافت أوليفيا: «عائلتي، والدي وأخي، هم أكبر داعمين ومشجعين، فهم يرافقونني في كل خطوة، ويمنحونني القوة للاستمرار مهما كانت التحديات، ويذكرونني دائماً بأن الفخر بتمثيل الإمارات يستحق كل جهد وتضحية».

استعدادات خارجية

وكشفت أوليفيا عن ملامح المرحلة المقبلة من مشوارها، مشيرة إلى أنها تضع كامل تركيزها على التحضير للاستحقاقات المقبلة، حيث قالت: «استعد حالياً للمشاركة في معسكر تدريبي مكثف لمدة 10 أيام في بولندا، وهو فرصة مهمة للتدرب في بيئة مختلفة واكتساب أساليب جديدة من مدارس فنية متنوعة».

وأوضحت أن الهدف من هذا المعسكر هو الوصول إلى أعلى درجات الجاهزية قبل خوض بطولتي التايكوندو الأوروبية المتعددة والجائزة الكبرى الأوروبية، المقررتين في شهر أكتوبر المقبل، معتبرة أن هذه المشاركات تمثل محطة أساسية في طريقها نحو تحقيق طموحاتها الكبرى.

واختتمت أوليفيا حديثها مع «البيان» مؤكدة أن طموحاتها تمتد إلى أعلى المستويات العالمية، قائلة: «هدفي الأكبر هو الفوز بميدالية في الأولمبياد وبطولة العالم، وسأواصل العمل بجدية وانضباط حتى أحقق ذلك، فتمثيل الإمارات مسؤولية كبيرة وشرف أعتز به دائماً».