وجدت المنتخبات العربية القادمة من القارة الأفريقية نفسها في قلب جدل واسع بعد مشاركتها في كأس العرب، في ظل تزامن البطولة مع العد التنازلي لانطلاق كأس أمم أفريقيا المقررة في 21 ديسمبر الجاري بالمغرب. هذا التقارب الحاد في المواعيد وضع المنتخبات الستة المشاركة تونس، مصر، المغرب، الجزائر، جزر القمر والسودان أمام معضلة فنية فرضتها ضرورة الحفاظ على العناصر الأساسية استعداداً للبطولة القارية، مقابل خوض كأس العرب بقوائم منقوصة.



وأكد حلمي طولان مدرب منتخب مصر أن الفريق الذي شارك به في البطولة ولد يتيماً بفعل فاعل. وأضاف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقب خروج الفراعنة من البطولة بعد الخسارة الثقيلة من الأردن بثلاثية نظيفة: «أنا لا أتحجج وأتحمل المسؤولية، هذا المنتخب لم يجد من يدعمه. قبل أن نأتي قيل إن هذه البطولة ودية... 15 منتخباً أوقفت دورياتها عدا الدوري المصري، ولك أن تتخيل أن أحد المسؤولين قال إن الدوري أهم من المنتخب».

وعندما سأله أحد الصحفيين عن المسؤول عن «هذه الإهانة»، رد طولان مباشرة: «المسؤول عن هذه الإهانة هو شخص واحد والجميع يعرفه... شخص واحد بيده إيقاف الدوري وعدم إيقافه. هذا الشخص رفض إيقاف الدوري وضحى بكرة القدم المصرية والمنتخب المصري».



وقال خالد بدرة لاعب منتخب تونس سابقاً والمحلل الفني في قنوات أبوظبي الرياضية: إن منتخب بلاده لم يأخذ الأمور بجدية ورغم أدائه المقبول إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، مشيراً إلى أن الفريق الذي شارك في البطولة لم يضم أفضل العناصر وأنه لم يعكس المستوى الحقيقي لكرة القدم التونسية. وأضاف: الاختيارات لم تكن بالشكل المطلوب، أشعر أن الجهاز الفني لم يعط الأهمية اللازمة لكأس العرب، بحكم تقاربها مع كأس أفريقيا.



ودخلت المنتخبات العربية القادمة من أفريقيا منافسات البطولة بتشكيلات يغلب عليها اللاعبون المحليون أو العناصر من الصف الثاني والثالث، في غياب أبرز المحترفين. ومع أولى الجولات، بدا تأثير هذا الغياب واضحاً على الأداء، حيث فشلت هذه المنتخبات في فرض نفسها داخل المجموعات، قبل أن تغادر البطولة مبكراً من الدور الأول، في خروج وصفته جماهيرها بأنه «مخيب وغير متوقع».

وأثار الإقصاء المبكر ردود فعل غاضبة، خصوصاً لدى الجماهير المصرية والتونسية التي كانت تأمل في ذهاب بعيد رغم الظروف الاستثنائية المحيطة بالبطولة، وصبت الجماهير المصرية غضبها على اتحاد الكرة الذي تسبب حسب اعتقادهم في إهانة الكرة المصرية في كأس العرب، بعد أن خرج دون أن يحقق أي انتصار.



وانتقدت شريحة واسعة من المتابعين ما وصفته بغياب التنسيق بين البرمجة القارية والإقليمية، معتبرة أن خوض كأس العرب دون الركائز الأساسية جعل المنتخبات تظهر بصورة لا تعكس حجمها الحقيقي.

في المقابل، شكلت الجزائر والمغرب الاستثناء الأبرز، بعدما نجحا في تجاوز الدور الأول وبلوغ الأدوار المتقدمة، مستفيدين من حضور عدد أكبر من العناصر الجاهزة. وقدم «محاربو الصحراء» أداءً لافتاً مكنهم من مواصلة المشوار، فيما اعتمد المنتخب المغربي على قاعدة قوية من اللاعبين المحليين وبعض الناشطين في الدوريات العربية الذين نجحوا في تعويض الغيابات.



ورغم ذلك، خيم الشعور العام بأن المشاركة العربية الأفريقية في البطولة لم ترتق إلى التطلعات، وأن الأداء المجتزأ للعديد من المنتخبات أفقد المنافسة جزءاً من قوتها الفنية. ويجمع محللون على أن تضارب المواعيد بين كأس العرب و«الكان» كان العامل الأكثر تأثيراً، معتبرين أن استمرار مثل هذه الازدواجية يضع المنتخبات بين خيارات صعبة ويقوض مبدأ تكافؤ الفرص.

ومع اقتراب انطلاق كأس أمم أفريقيا، تأمل الجماهير أن ينعكس التركيز الكامل على البطولة القارية إيجاباً على أداء منتخباتها، بعد مشاركة عربية في كأس العرب طغت عليها الغيابات وخيبات الأمل المبكرة.