تترقب جماهير الكرة العربية، غداً، الاثنين، انطلاق بطولة كأس العرب في نسختها الحادية عشرة التي تستضيفها قطر في الفترة من 1 إلى 18 ديسمبر، بمشاركة 16 منتخباً عربياً.

وتمتد رحلة كأس العرب إلى أكثر من ستة عقود منذ ظهورها إلى النور لأول مرة عام 1963، مرت خلالها بمنعطفات عدة وتحولات تاريخية منذ فكرة إقامتها كبطولة إقليمية تجمع المنتخبات العربية في أجواء تنافسية تسهم في تعزيز التلاحم العربي وصولاً إلى الاعتراف العالمي وإشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وعلى مدار 62 عاماً، أقيمت 10 نسخ لكأس العرب فقط، رغم أن الهدف كان إقامة بطولة دورية، إلا أنها عانت عدم الانتظام بسبب الظروف السياسية والحروب وعدم توفر المواعيد على الأجندة الدولية، إضافة إلى تباين عدد المنتخبات المشاركة.



الفكرة

انطلقت فكرة إنشاء كأس العرب عام 1962 عبر جورج دباس رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم آنذاك، بمقترح إنشاء بطولة تجمع الدول العربية، ولاقت قبولاً من خمس دول هي سوريا وتونس والكويت والأردن ولبنان، وبالفعل أقيمت أول نسخة لكأس العرب عام 1963 في لبنان بمشاركة الدول الخمس، وبنظام الدوري من دور واحد، وتوج المنتخب التونسي باللقب بعدما حصد سبع نقاط في أربع مباريات ليدخل التاريخ كأول بطل لكأس العرب.

وأقيمت نسختان في فترة الستينيات، عندما احتضنت الكويت النسخة الثانية عام 1964، وشهدت مشاركة منتخبات للمرة الأولى بعد انضمام ليبيا والعراق، إلى جانب لبنان والكويت والأردن، وأقيمت بنظام النسخة الأولى نفسه، وتوج بلقبها المنتخب العراقي.

وأقيمت النسخة الثالثة في العراق عام 1966، حيث شهدت تلك النسخة ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة إلى عشرة منتخبات، وأقيمت بنظام المجموعتين، إذ تأهلت منتخبات ليبيا وسوريا والعراق ولبنان إلى الدور قبل النهائي، وفاز منتخب سوريا على لبنان بهدف نظيف، كما فاز منتخب العراق على ليبيا 3-2، ليلتقي العراق وسوريا في النهائي ويفوز منتخب «أسود الرافدين» باللقب للمرة الثانية في تاريخه.



توقف طويل

توقفت البطولة بعد ذلك لقرابة 19 عاماً بسبب الحروب التي شهدتها المنطقة منذ عام 1967، والظروف السياسية التي سيطرت على المشهد في ذلك التوقيت، قبل أن يتولى الاتحاد العربي لكرة القدم مهمة الإشراف على تنظيم البطولة لاحقاً.

وفي عام 1982 كانت هناك محاولة لإعادة البطولة إلى المشهد، لكن تم إلغاؤها رغم أن عدداً من المنتخبات خاض تصفيات التأهل للبطولة، واضطر الاتحاد العربي إلى إيقافها بسبب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام نفسه.

بعدها بثلاث سنوات، عادت البطولة من جديد عام 1985 في نسختها الرابعة التي استضافتها المملكة العربية السعودية، بمشاركة 6 منتخبات تم توزيعها على مجموعتين، وأحرز المنتخب العراقي اللقب للمرة الثالثة بفوزه في النهائي على البحرين بهدف دون رد.



10 منتخبات

وأقيمت النسخة الخامسة لكأس العرب عام 1988 في الأردن، بمشاركة 10 منتخبات قسمت إلى مجموعتين، واحتفظ المنتخب العراقي باللقب للمرة الثالثة على التوالي بعد فوزه على سوريا بركلات الترجيح 4-3، عقب انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 1-1.

ظلت البطولة على حالها بالانتظام للمرة الثالثة على التوالي بإقامة النسخة السادسة في سوريا عام 1992، وشهدت مشاركة 6 منتخبات، حيث غاب المنتخب العراقي أكثر المتوجين حينها عن البطولة بسبب حرب الخليج، وتأهل إلى المباراة النهائية المنتخبين المصري والسعودي، ليدخل منتخب مصر التاريخ بأول لقب عربي في تاريخه بعد فوزه على «الأخضر» 3-2 في مباراة تاريخية.



المشاركة الأكبر

توقفت البطولة لمدة ست سنوات، قبل أن تحتضنها قطر عام 1998، وشهدت أكبر عدد من المنتخبات المشاركة لأول مرة في تاريخ البطولة بـ 12 منتخباً، حيث تم تقسيمها إلى 3 مجموعات، وتأهل إلى الدور نصف النهائي منتخبات قطر والكويت والإمارات والسعودية، والتقت قطر والسعودية في النهائي، حيث فاز الأخضر 3-1 وأحرز اللقب للمرة الأولى في تاريخه.

واحتضنت الكويت النسخة الثامنة عام 2002، وشارك في تلك النسخة 10 منتخبات عربية، ونجح المنتخب السعودي في الحفاظ على لقبه للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه في النهائي على البحرين في الوقت الإضافي 1-0 عقب نهاية الوقت الأصلي بالتعادل السلبي.

وعادت البطولة للتوقف لمدة عقد كامل بعد نسخة عام 2002 بسبب رفض المشاركة نتيجة المواعيد، لتقام النسخة التاسعة في السعودية والتي شهدت مشاركة 11 منتخباً، وأحرز المنتخب المغربي اللقب للمرة الأولى بفوزه في النهائي على المنتخب الليبي بضربات الترجيح بعد التعادل في الوقت الأصلي 1-1.



تحول تاريخي

بعد توقف دام 9 سنوات، عادت البطولة عام 2021، لكن هذه المرة جاءت العودة بشكل مختلف وسط تحول مفصلي في تاريخ البطولة بعد سنوات من عدم الانتظام والمعوقات التنظيمية.

التحول الأكبر تمثل في الاعتراف العالمي بعد أن اعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالبطولة وتحولها من مجرد بطولة إقليمية غير معترف بها إلى بطولة على أجندة كرة القدم العالمية، وشكل إقامة البطولة التي استضافتها الدوحة تحت مظلة الاتحاد الدولي نقطة محورية في تاريخها.

ويستمر التحول التاريخي في نسخة 2025 التي تنطلق، غداً، فبعد اعتراف الفيفا، أصبحت مباريات البطولة رسمية وتحتسب نتائجها ضمن نظام التصنيف الشهري للمنتخبات الصادر عن الاتحاد الدولي، وفق آلية احتساب المباريات الدولية نفسها، حيث يعد هذا القرار خطوة فارقة في تاريخ البطولة، ما يمنح المنتخبات العربية فرصة تحسين مراكزها في التصنيف الدولي.