كان أول ظهور لريغان وجادن هيسكي مع نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، أكثر من مجرد لحظة عائلية تدعو إلى الفخر، كونهما امتداداً لمهاجم إنجلترا السابق إميل هيسكي، وربما كانت مباراة مانشستر سيتي ضد هدرسفيلد في كأس كاراباو، روتينية عندما تقدم فريق المدرب بيب جوارديولا بهدفين دون مقابل، ولكن ما تلا ذلك كان إحدى تلك اللحظات التي تتجاوز لوحة النتائج.
ومن على مقاعد البدلاء التي ضمت كولو توريه، الذي يعد رمزاً للفولكلور الأخوي في كرة القدم إلى جانب شقيقه يايا، استدعى جوارديولا المهاجم ريغان البالغ 17 عاماً، وشقيقه جادن البالغ 19 عاماً، ليمنحهما أول مشاركة لهما في المباراة والتي تندرج بشكل أنيق في قصة كرة القدم الأوسع نطاقاً عن الإرث العائلي.
ولطالما افتتن عالم كرة القدم بالروابط العائلية، ويعود ذلك جزئياً إلى أنها تربط الماضي بالحاضر بطرق لا يمكن لأي فيلم وثائقي أو حملة تسويقية أن يفعلها، وذلك حسب ما أشار إليه موقع «أورجينال فوتبول»، وذلك من الأخوين تشارلتون في فوز إنجلترا بكأس العالم عام 1966، مروراً بالأخوين رونالد وفرانك دي بور اللذين قادا أياكس وهولندا خلال التسعينيات، لتُقدم عائلات كرة القدم استمرارية تُطمئن الجماهير بأن اللعبة لا تقتصر على انتقالات لا نهاية لها وتدفقات تجارية.
ويحمل الأخوان هيسكي الآن عبء هذا التوقع، ولكن على عكس والدهم، فإنهم يدخلون إلى لعبة تحولت بفضل الأكاديميات العالمية، والتجنيد القائم على البيانات، والتقييمات التي تبلغ مليارات من الجنيهات الاسترلينية.
ولم تكن مسيرة إميل هيسكي تُعرف بالتألق، بل بالموثوقية والإيثار والحضور البدني الذي يثق به المدربون، ويبدو أن أبناءه اكتسبوا هذه الصفات، وإن كانوا قد أعادوا تشكيلها من خلال الصقل الفني المطلوب في أكاديمية مانشستر سيتي، ويُوصف جادين، الذي غالباً ما يكون قائداً لفريق الدوري الإنجليزي الممتاز الثاني، بأنه ناضج ومجتهد، وهو لاعب خط وسط مريح في الأدوار القيادية، بينما يُنظر إلى ريجان، الذي يصغره بعامين، على أنه سريع وفعال ومبدع.
وعندما أشار غوارديولا إلى أن 6 لاعبين من الأكاديمية بدأوا المباراة، واثنين آخرين، من فريق هيسكيز، دخلا كبديلين، لم تكن وجهة نظره تتعلق فقط بتدوير التشكيلة، بل بفلسفة النادي، إذ إن مانشستر سيتي، وعلى الرغم من هيمنته العالمية وقوته المالية، يعلم أن روح الفريق لا تُقاس فقط بالتعاقدات الضخمة، بل بقوة كوادره الأكاديمية.
وبالنسبة لمانشستر سيتي، يُمثل الظهور الأول لهيسكي رمزاً لتحول علاقة النادي بهويته الخاصة، وبعدما كان أداء السيتي يُعرف سابقاً بالتذبذب، أصبح الآن يُعرف بالهيمنة، وفي هذا التحول، تلعب الأكاديمية دوراً حساساً، ويُثبت خريجون مثل فيل فودين أن اللاعبين المحليين قادرون على التعايش مع التعاقدات القياسية، مُرسخين صورة النادي العالمية في إطار محلي وأصيل، وإذا استطاع ريغان وجادن اتباع ولو جزء بسيط من هذا المسار، فلن يُكملا قصة والدهما فحسب، بل سيُثريان قصة السيتي أيضاً.
ويمكن اعتبار الظهور الأول للأخوين إنجازاً عائلياً مميزاً، لكنه في الواقع يُظهر أهمية أكبر في حاجة كرة القدم الحديثة إلى جذورها في عصرٍ تُصبح فيه الأندية استثمارات بمليارات الدولارات، ويُذكرنا آل هيسكي بأنه تحت هذه الآلة التجارية، لا تزال هناك عائلات وقصص محلية، وخيوط من الهوية تُبقي كرة القدم راسخة.
