أشفق عليه البعض، واعتبر البعض الآخر أن ما قام به حماقة، وكان الأفضل له ولتاريخه أن يعتزل ويحافظ على كم النجاحات التي حققها سابقاً، خاصة مع ريال مدريد الإسباني، إلا أن الكرواتي الذي قاد بلاده إلى وصافة مونديال 2018 بروسيا، وإلى المركز الثالث في مونديال قطر 2022، والفائز بلقب بطولة الأندية الأوروبية أبطال الدوري 6 مرات مع ريال مدريد، أراد أن يقول للعالم أجمع: لدي المزيد لأقدمه، فتحول بعد نهاية عقده مع ريال مدريد إلى عملاق أوروبي آخر، هو إيه سي ميلان.



انتقل صانع اللعب المميز لوكا مودريتش إلى دوري مختلف تماماً، إلى بطولة يسيطر عليها الجهد البدني والسيطرة الدفاعية، بطولة «لا تعرف الرحمة»، البطولة الأقوى من حيث الالتحام والالتزام الدفاعي، إلى الدوري الإيطالي المغاير تماماً لتجاربه السابقة في إنجلترا وإسبانيا، حيث الكرة الجميلة والمساحات الإبداعية.



كان الكثيرون من عشاق الكرواتي الرائع مشفقين عليه من هذه النقلة في مسيرته، بل وتمنى بعضهم أن يعتزل حتى لا يضع نقطة سوداء في تاريخ ناصع مع الأندية ومنتخب بلاده، إلا أن لوكا الملقب بـ«الأمير الصغير» أثبت للعالم أجمع أنه عاشق للتفوق في أي مكان وزمان، وقادر على تقديم أعلى مستويات كرة القدم وإمتاع الجمهور في أي بطولة كانت، وهذا ما أثبته مع ميلان، وقاده إلى انتزاع قمة الترتيب على حساب نابولي بعد مباراة نثر فيها الكرواتي كل أنواع الإبداع، ليكمل سلسلة الروعة التي بدأها منذ انتقاله إلى الدوري الإيطالي.



خمس مباريات شارك فيها لوكا مع إيه سي ميلان في الدوري هذا الموسم، وببساطة سطر فيها أرقاماً أعجزت جميع لاعبي الكالتشيو، فاحتل المركز الأول في عدد التمريرات الصحيحة بين جميع اللاعبين «300 تمريرة»، وزاد عليها بأن كان الأفضل في التمرير في النصف الخاص بالفريق المنافس بـ«169 تمريرة صحيحة»، ولم يكتفِ بذلك، بل احتل المركز الأول أيضاً في التمريرات التي اخترقت دفاعات المنافسين بـ«46» تمريرة، كما كان الأفضل في الاستحواذ، إذ استحوذ على الكرة من المنافسين في 31 مناسبة، ولم يكتفِ بذلك، بل أراد أن يثبت لملوك الكرة الدفاعية أنه كما يتفوق في الإبداع الهجومي وصناعة اللعب فإنه الأفضل في أداء الواجب الدفاعي بين لاعبي الوسط، حيث قطع 10 هجمات على فريقه، وهو الرقم الأعلى أيضاً بين لاعبي وسط الملعب.

لوكا «الأمير الصغير» يتربع على قلب الدوري الإيطالي كما فعل من قبل في إنجلترا وإسبانيا، حتماً إنه من «مملكة النادرين» في عالم كرة القدم.