لم يستطع الجزيرة المحافظة على تقدمه في الشوط الإضافي الثاني، على الأهلي السعودي في مباراة الدور 16 من دوري أبطال آسيا، ليتمكن الأهلي من إحراز هدف التعادل، ومن ثم الفوز بضربات الترجيح ويصعد إلى دور الثمانية، في حين انهار بني ياس أمام الهلال السعودي بعد عشرين دقيقة وخسر بسباعية، ليودع الفريقان دوري الأبطال الآسيوي.

ويري الكثيرون من المدربين أنه ليس من العدالة أن تلعب مباراة واحدة في دور الـ 16 من دوري أبطال آسيا، وأنه لابد أن تلعب أدوار البطولة على غرار دوري أبطال أوروبا، ومباراة واحدة تشبه مباريات الكؤوس، أي لقاء الفرصة الواحدة فقط، مع أفضلية الملعب والجمهور لمتصدر المجموعة في الدور الأول (دور المجموعات)، وبالرغم من انتقاد هذه الطريقة، إلا أن من المهم جداً أن يعرف الفريق الذي يريد أن يصل النهائي أن هناك تحديات عليه أن يواجهها، وأن لكل مباراة طريقة تعامل خاصة بكل منافس يقاسم الفريق ذات الطموح.

مباراتا ممثلي الإمارات في البطولة الجزيرة وبني ياس ضد فريقين من السعودية الأهلي والهلال، في مباراتين كنا نبحث عن المنطق والجراءة ورغبة الفوز التي تأرجحت بين الطموح وإثبات الذات للجزيرة وبني ياس، ومنافسيهما الأهلي والهلال لهما نفس الدوافع، فلماذا تخلى الحظ عن الجزيرة في ضربات الترجيح؟، ولماذا ابتعد بني ياس عن الواقعية؟، لكن في النهاية استحق من كان قوياً في أدواته الفنية في تكملة المشوار الآسيوي.

الجزيرة والأهلي

بدأت المباراة باندفاع هجومي يحفزه الحماس الجمهوري لفريق الجزيرة، فكانت له السيطرة الهجومية خلال 15 دقيقة الأولى من المباراة، فما كان يبحث عنه هو تسجيل هدف مبكر يترجم فاعلية البناءات الهجومية التي افتقدت إلى الفاعلية التهديفية في إنهاء تلك الهجمات.

في المقابل كان الأهلي السعودي مدركاً لذلك السيناريو، بما يمتلك من خبرة عن القوة الهجومية للجزيرة، فتعامل بكل ذكاء مكتسب من خبرة البطولات في كيفية امتصاص الحماس الهجومي، بالتركيز الدفاعي في مراقبة أي لاعب من الجزيرة في منطقة التهديف، ونجح في تلك الاستراتيجية بالرغم من الضغط الهجومي للجزيرة.

وبعد مرور 20 دقيقة من الشوط الأول بدأت تنتقل السيطرة تدريجياً للأهلي السعودي الذي سيطر على منطقة وسط الملعب بفاعلية، بفضل مهارة لاعبي الأهلي في اللعب في المساحات الضيقة تحت الضغط المباشر من لاعبي الجزيرة، ولكن ما ميز الأهلي هو التفاعل التكتيكي في رد الفعل لحظة افتقاد الكرة في الحالة الهجومية، من خلال الضغط المباشر في استرداد الكرة في أقرب نقطة من منطقة الدفاعية للجزيرة، وهذا ما يسمي في تكتيك الكرة الحديث الهجمة المرتدة من خلال بناء الهجمة المرتدة للمنافس، فنجح في الدقيقة 22 من خطأ لوكاس نيل الذي فشل في إبعاد الكرة ليخطفها كماشو الذي لعب كرة مع فيكتور ليسدد كماشو هدف التقدم للأهلي.

محاولات السيطرة

وتحول اللعب إلى محاولات السيطرة بين الفريقين، وفي زيادة سرعة التحول الهجومي في البحث عن طريقة للتفوق على الدفاع، ولكن في ظل هذه المحاولات للجزيرة لم نعرف لماذا تخلى عن أسلوبه في البناء الهجومي المعتاد، ولعب بأسلوب التمرير الطويل الذي غالباً ما يكون لمصلحة دفاع الأهلي، وما نعرفه أن التمرير الطويل يحتاج إلى المتابعة السريعة في الكرة المرتدة من الدفاع لانطلاق من الخلف.

حيث يتعرف اللاعب المنطلق على المساحات الخالية ثم اتخاذ القرار المناسب لإنهاء الهجمة بفاعلية، ولكن لم نر دلغادو أو دياكيه أو أوليفيرا يشكلون خطورة حقيقة على مرمى الأهلي من خلال هذا الأسلوب الهجومي، وفي الدقيقة 32 ومن هجمة منظمة للجزيرة يمرر دياكيه كرة عرضية من لمسة واحدة بدقة إلى نقطة الجزاء، ليرتقي لها بكل مهارة وقوة أوليفيرا مسجلاً هدف التعادل، لينتهي الشوط الأول بهذه النتيجة.

تغييرات هجومية

وبدأ الشوط الثاني بتغييرات هجومية من الجزيرة، والكل يعلم أن التبديلات التكتيكية عامل حاسم في هذه النوعية من المواجهات، ولكن تبقى مهارة قراءة اللعب من المدرب ذكاءً مهنياً يحدد مسار المباراة، وافتقد الجزيرة إلى صناعة اللعب بعد خروج سبيت خاطر، بعودة دياكيه إلى مركز الارتكاز مع خميس إسماعيل للتوازن الدفاعي، وبالرغم من الإرباك التنظيمي للمحافظة على توازن الفريق إلا أن الدقيقة 62 حملت خبراً ساراً للجزيرة في تسجيل دلغادو هدف التقدم، بعد تمريرة برغش العرضية.

وما لم نعلمه بعد هذا الهدف أن حصل التخبط التكتيكي في تبديلات كايو جونيور، خروج باري وتعويضه باللاعب أحمد دادا، وهذه المواجهات كما ذكرت تحتاج إلى لاعبي خبرة، والإرباك التنظيمي الذي حدث بسبب تلك التبديلات دفع ثمنها الفريق، وفي المقابل كانت تبديلات ياروليم مدرب الأهلي فعالة هجومية، بدخول عماد الحوسني الذي سجل هدف التعادل في الدقيقة 75، لتنتهي المباراة بعد محاولات هجومية من الفريقين افتقدت إلى التركيز الذي بدأ يتأثر بسبب المردود البدني، ليلعب الفريقان شوطين إضافيين.

التقاط الأنفاس

لم يكن الشوط الأول الإضافي إلا محطة لالتقاط الأنفاس من خلال اللعب بإيقاع متأثر بالمجهود البدني الذي لعب به الفريقان في ظروف مناخية صعبة تحتاج إلى كمية أوكسجين، أما الشوط الثاني فقد جاء مثيراً هجومياً، أوليفيرا يسجل هدف التقدم في الدقيقة 113، بعد أن اخترق ديايكه منطقة وسط الملعب، ثم مرر إلى أوليفيرا الذي سدد مباشرة في المرمى مسجلاً الهدف الثالث للجزيرة، وهنا التساؤل، لماذا لم يحافظ الجزيرة على الفوز بالتركيز الدفاعي بالتراجع إلى منطقة وسط الملعب.

حيث التغطية الدفاعية، وأيضاً المحافظة على المجهود البدني، إلى أن جاءت الدقيقة 117 ليسجل الأهلي هدف التعادل بواسطة فيكتور، ليحتكم الفريقان إلى الضربات الترجيحية التي خسرها الجزيرة، بعد أن أضاع كل من أوليفيرا ولوكاس نيل ضربتين من الخمس، لتنهي الضربات الترجيحية طموحات الجزيرة في المشوار الآسيوي بعد هذه المباراة الماراثونية أمام الأهلي السعودي.