أبدى لاعبو الإمارات إصراراً قوياً على تغيير الصورة التي ظهروا بها في تصفيات كأس العالم 2014، حيث خرجوا بالمشهد الأخير للأبيض في التصفيات، بفوز على المنتخب اللبناني بأربعة أهداف مقابل هدفين، نعم.. هذه هي النتيجة التي خرجنا بها في آخر مباراة في التصفيات، وعلى الرغم من أنه فوز معنوي حققه منتخبنا الوطني أمام لبنان.
إلا أن هذا الفوز هو النهاية السعيدة التي انهينا بها مشاركتنا في التصفيات، وبهذه النتيجة أخرجنا أنفسنا من دوامة الصفر المونديالي، علماً بأن النتيجة لن تغير أي واقع في ترتيب المجموعة باحتلال منتخبنا المركز الأخير، بعد كوريا الجنوبية ولبنان اللتين تأهلتا إلى الدور الرابع، والكويت التي استمسكت بالأمل رغم أن مهمتها كانت مستحيلة في الفوز على كوريا الجنوبية في سيؤول.
وأظهرت المباراة تأرجح السيطرة بين الإمارات ولبنان في كيفية فرض إيقاع تكتيكي على الآخر، وانحصر اللعب في وسط الملعب، الإمارات كانت لديها الرغبة في أن تفرض إيقاعاً سريعاً على المباراة، إلا أن أداء لبنان كان حذراً بعدم التقدم إلى الهجوم لمجاراة حماس لاعبي الإمارات، وترك المساحات الدفاعية للتحركات الهجومية للاعبي الإمارات الذين اظهروا إصراراً قوياً في تغير الصورة التي ظهروا بها في التصفيات، والحذر من متغيرات النتيجة، أظهرت مجريات اللعب لنا إيقاعاً متخوفاً من قبل الفريقين في فك الانضباط التكتيكي للاعبين، بالرغم من الهفوات الفنية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
ثبات وتماسك
لبنان كان أكثر ثباتاً وتماسكاً وحذراً في الهجوم المنظم المرتد، وإستراتيجيته في اللعب كانت واضحة، التوازن الدفاعي القوي بقيادة محمد يوسف، والانطلاق في المساحات الخالية خصوصا على الأطراف التي فرض فيها لاعبو لبنان تفوقاً واضحاً على لاعبينا، خصوصاً حسن معتوق في الجهة اليسرى، وفي العمق من خلال تحركات المهاجم محمود العلي قبل خروجه مصاباً بعد تسجيله هدف التعادل، الهجوم اللبناني استطاع بحيوية لاعبيه، أن يوقع لاعبينا في هفوات دفاعية تنظيمية في التمركز ما بين التغطية والتوازن، وهذا ما اظهر بطء قلبي الدفاع في رد الفعل وعدم الانسجام وسرعة القرار بينها أمام أو داخل منطقة الجزاء.
والإمارات كانت الأكثر استحواذاً على الكرة بمهارة لاعبيها في التحرك بدون كرة، وكيفية استغلال المساحات الخالية التي تنشأ من تغيير المراكز بين رباعي الهجوم إسماعيل، الوهيبي، عيسى، عبدالله، فكانت الأفضل هجومياً أمام التماسك الدفاعي لمنتخب لبنان.
كما أن التفوق المهاري الفردي لم يستطع مدافعو لبنان مواجهته سوى بارتكاب الأخطاء أمام منطقة الجزاء. أما الدور الدفاعي في وسط الملعب فكان يفتقد أحياناً الانسجام في التقيد بالمهام الملقاة عليهم في التقدم، والمسؤولية المشتركة بين لاعبي الارتكاز بين الحوسني وعادل، وكان الحماس واضحاً على أدائهما في الكثير من المواقف الدفاعية لحظة استحواذ مهاجمي لبنان على الكرة في الهجوم المرتد، وهذا ما كان يصعب تكتيكياً مهمة بشير وفارس في تغطية منطقة العمق الدفاعي.
التعامل الذهني
المباراة كانت متأرجحة المستوى بسبب حافز الفريقين بين إثبات الذات في رد الاعتبار للإمارات، لأنها بعيدة عن أية حسابات للتأهل لهذا اظهر اللاعبون حماساً هجومياً ورغبة في الفوز، وبين الرغبة القوية لمنتخب لبنان في امتلاك فرصة التأهل إلى الدور الرابع دون النظر إلى نتيجة الكويت أمام كوريا الجنوبية، لهذا كانت ضغوط المنافسة اختباراً قوياً للمنتخب اللبناني الذي سيلاقي مواجهات أصعب في الدور التالي، ولم يستطع لاعبوه التعامل بشكل إيجابي على الرغم خبرة اللاعبين في اللعب كمحترفين في دوريات محترفة.
حالة الثبات الذهني والنفسي التي ظهر عليها منتخبنا بسبب ابتعاد اللاعبين عن أية ضغوط المنافسة، أظهرت لنا المتعة الهجومية في أدائهم، لم تكن الخبرة عاملاً مهماً يمكن وضعه كمقياس لتفوق الإمارات على لبنان، لأنه لم يكن عاملاً في حسم المباراة، ولأنها خارج الحسابات التي قد تكون سبباً في التأثير على ثبات مستوى اللاعبين، والتفوق على منتخب لبنان الذي افتقد إلى التعامل الذكي في خبرة المباراة، التي تحتاج إلى كيفية التحكم في إيقاع اللعب، وهذا ما منحنا السيطرة في أغلب أوقات المباراة بسبب رغبته في التعادل.
الهجمات المرتدة
ما كان مثيراً في الشوط الأول هو رد فعل المنتخب اللبناني في متغيرات النتيجة، ورغبته القوية في معادلة أي تقدم للإمارات، فكانت الهجمات المرتدة خطرة على مرمى الإمارات وفعالة (سجلوا هدفين)، فهل كانت معرفة لاعبي لبنان الذين يلعبون في دورينا، بالمستويات الفردية عاملاً مهماً في حسم المواجهات الفردية في منطقة الجزاء؟ أم أن منتخب لبنان اظهر حماساً هجومياً في الشوط الأول، وحاول في الشوط الثاني أن يفرض تعادلاً على الإمارات في عدم التقدم للهجوم مثل الشوط الأول؟ خصوصاً وأن نقطة المباراة كانت مبتغاه كما كان واضحاً في تكتيك الفريق.
