تنطلق دورة لندن الأولمبية الثلاثين الجمعة 27 يوليو الجاري والكل يترقب ماذا ستقدم بريطانيا بعدما تابع العالم ما قدمته الصين في الدورة الأولمبية التاسعة والعشرين بكين 2008 ، والتي حققت نجاحاً منقطع النظير واعتبرها الحاضرون من أفضل الدورات الأولمبية عبر التاريخ بكل المقاييس، وأطلق عليها (المدينة الفاضلة) لما امتازت به من ناحية التنظيم وتقديم الخدمات.
ولا ننسى حفلي الافتتاح والختام لما قدم فيهما من عروض فنية وفلكلورية استثنائية جميلة جسدت حضارة الصين القديمة وما أنشأته من مدنية جديدة معاصرة عكست مدى التقدم التي وصلت إليه في الميادين كافة، وأبرز ما ميز الدورة نظام المتطوعين من الفئات العمرية من الجنسين وفي مقدمتهم العملاق الصيني (ياو مينغ) أفضل لاعب كرة سلة صيني على مر التاريخ وأفضل لاعب محترف في الدوري الأميركي لكرة السلة .
وكانت الميزة التي تجمع بينهم هي الحماس وحب المساعدة، فهناك من عملوا كمرشدين وآخرون تطوعوا لخدمة المشاركين والضيوف في كل أنحاء العاصمة، إضافة إلى أنهم حرصوا على تقليص الازدحام المروري بعدم استخدام سياراتهم طوال فترة الأولمبياد، وبالفعل، أشادت وسائل الإعلام بالصورة الرائعة التي قدمها الصينيون وأنهم جديرون حقاً بالمائة ميدالية الملونة التي حصدوها.
تحطيم الأرقام
وتم أثناء أولمبياد بكين تحطيم 132 رقماً قياسياً أولمبياً و43 رقماً قياسياً عالمياً، وغيرت دورة أولمبياد بكين كثيراً من المفاهيم الرياضية، وأبرزت أساليب وطرق تدريب جديدة لم يكشف عنها من قبل، برز من خلالها أبطال حققوا إنجازات لبلادهم وخصوصاً رياضيي الصين الذين خطفوا الأضواء من الجميع، وحققوا الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم وهو حصول الصين على المركز الأول في الدورة.
وبلغ عدد الوفود المشاركة في أولمبياد بكين 204 وفود، وهو أكبر عدد في التاريخ الأوليمبي، وبلغ عدد الوفود التي حصلت على الميداليات الملونة 87 وفداً وهو أكبر عدد في التاريخ أيضاً، وتذوقت 55 دولة طعم الذهب حيث حصدت الصين 51 ميدالية والولايات المتحدة 26 وروسيا 23 وبريطانيا 19 وألمانيا 16 واستراليا 14 وكوريا الجنوبية 13 واليابان 9 وإيطاليا 8 وكل من فرنسا وأوكرانيا وهولندا 7 وجامايكا 6 وأسبانيا وكينيا 5 بيلاروسيا ورومانيا واثيوبيا 4 وكل من كندا وبولندا والمجر والنرويج والبرازيل وتشيكيا وسلوفاكيا ونيوزيلندا وجورجيا 3 ميداليات.
وميداليتان لكل من كوبا وكازاخستان والدنمارك ومنغوليا وتايلاند وكوريا الشمالية والأرجنتين وسويسرا والمكسيك، بينما حصلت 19 دولة على ذهبية واحدة هي تركيا، زيمبابوي، أذربيجان، أوزباكستان، سلوفينيا، بلغاريا، اندونيسيا، فنلندا، لاتفيا، بلجيكا، الدومينيكان، استونيا، البرتغال، الهند، إيران، البحرين، الكاميرون، بنما، تونس.
فارق الميداليات
وبالمقارنة بين ما حصلت عليه الصين والمملكة المتحدة من ميداليات ملونة في دورتي أثينا 2004 وبكين 2008 ، نجد أن هناك فارقا كبيرا في عدد الميداليات بين الدولتين ولصالح الصين، ففي دورة أثينا حصدت الصين 32 ميدالية ذهبية و17 فضية و14 برونزية واحتلت المركز الثاني في الترتيب، بينما حصدت بريطانيا 9 ميداليات ذهبية ومثلها فضية و12 برونزية وجاءت في المركز العاشر. أما في دورة بكين فقد حصدت الصين 51 ميدالية ذهبية و21 فضية و28 برونزية واحتلت المركز الأول في الترتيب العام، في حين حصدت بريطانيا 19 ميدالية ذهبية و13 فضية و12 برونزية وجاءت في المركز الرابع.
ومن خلال المعطيات الإحصائية يتضح أن الفارق كان لصالح الصين في الميداليات الذهبية في الدورتين الأخيرتين، ففي دورة أثينا كان (23) ميدالية ذهبية، ثم أصبح الفارق في دورة بكين (32) ميدالية ذهبية، وفي العدد الكلي للميداليات الملونة كان الفارق في دورة أثينا (33) ميدالية، زاد الفارق في دورة بكين ووصل الى (53) ميدالية ملونة، وهذا مؤشر يؤكد على مدى تطور الصين في كافة المجالات وفي مقدمتها المجال الرياضي، وسننتظر نتائج دورة لندن (2012) التي من المفروض أن يقلص الفارق بين الدولتين نتيجة الاستعدادات التي أجرتها المملكة المتحدة لرياضييها بالإضافة الى الأرض والجمهور.
وما علمناه عن دورة لندن 2012 إنها ستتميز بنوع الميداليات الذهبية حيث أنتجت شركة ريو تينتو العالمية للتعدين الميداليات الذهبية، وتزن كل ميدالية حوالي 400 غرام بقطر 85 مليمترا وسمك 7 مليمترات، لتسجل رقماً قياسياً جديداً من حيث الوزن والحجم في تاريخ دورات الألعاب الأولمبية الصيفية، وكانت شركة ريو تينتو قد استخدمت 8 أطنان من خليط معادن الفضة والذهب والنحاس لصناعة الميداليات وتحتوي كل ميدالية ذهبية على 92.5٪ من الفضة و6.16% من النحاس و1.34٪ من الذهب.
وتعتبر ميداليات دورة ألعاب لندن "الأغلى" في تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية، حيث تصل قيمة الميدالية الواحدة لحوالي 786.4 دولارا أمريكيا. كما لا ننسى قدرة الصين في التغلب على إسقاط الأمطار باستعمال صواريخ لتشتيت السحب في حفلي الافتتاح والختام مما ضمن نجاحهما، فيا ترى هل تمتلك بريطانيا العظمى القدرة على تشتيت السحب ؟ هذا ما سنراه قريباً.
ميداليات العرب
كانت حصيلة العرب من الميداليات خلال دورة بكين مخيبة للآمال وتعتبر النتيجة في دورة بكين ضعيفة من حيث المجموع منذ دورة سدني (2000) حيث حصل العرب فيها على (14 ميدالية ملونة) بينما حصلوا في دورة أثينا 2004 على (10 ميداليات ملونة) واستمر التراجع ليصل الى ( 8 ميداليات ملونة ) خلال دورة بكين 2008 وبعد سحب الميدالية الذهبية من العداء البحريني رشيد رمزي المغربي الأصل أصبح عدد الميداليات سبعا فقط في حين حصل السباح الأميركي مايكل فيلبس لوحده بنفس الدورة على( 8 ميداليات ذهبية)، وهذا ما يدعنا نطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب تراجع نتائج الدول العربية والى متى نبقى هكذا نأمل من العرب أن يحققوا المزيد من الميداليات الملونة في دورة لندن (2012 )بالرغم من إن معطيات الواقع الرياضي العربي تشير عكس ذلك.
