كانت مباراة نصف النهائي بين الفريق الإسباني برشلونة والايطالي الإنتر، في بطولة اندية اوروبا، والتي انتهت بنتيجة اجمالية لمصلحة الانتر 3-2 ، كانت من المباريات العجيبة والغريبة التي شاهدتها من قبل المدرب البرتغاليألا مورينيو، أو كما يحلو للبعض ان يطلق عليه الداهية، ولكن أرى انه كان «مجرماً» في تلك المباراة، نعم ارتكب جريمة في حق كرة القدم!!
وفيها استطاع ان يوقف الزحف الكاتالوني باستخدامه الطريقة الايطالية المعروفة في الدفاع والتي تعرف بطريقة (الكاتانتشيو) أو الكماشة الدفاعية، والتي استوردها الى ايطاليا رجل ارجنتيني اسمه هيلنو هيرارا، و هو المدرب الذي كان يدرب الانتر في 1963، واستطاع من خلالها هيرارا ان يجمع المجد من كل اطرافه بفوزه بثلاثة ألقاب متتالية في الدوري الايطالي ولقبين متتالين على مستوى بطولة الاندية الاوروبية، واستطاع ان يفوز في مباريات كثيرة، ولكن كان ذلك على حساب اغلى شيء في كرة القدم ألاوهو «المتعة».
ما فعله البرتغالي مورينيو بالامس في مباراته امام برشلونة كان اشبه بما كان يفعله الارجنتيتي الراحل هيلنو هيرارا، عندما استخدم طريقته «الإجرامية» في كرة القدم ، فقتل كل شيء في الملعب، وقضى على كل شيء يمكن ان يمتعك في ملعب الكامب نو.
وتحديداً بعد طرد اللاعب البرازيلي في صفوف الانتر ثياغو موتا، فلم يتذكر في تلك اللحظة مورينيو إلا شيئاً واحداً، هو «الكاتناتشيو»، باعتبارها الطريقة الوحيدة لقتل ابداعات برشلونة والوصول الى المباراة النهائية، فلعب بتسعة مدافعين ثابتين تماماً، بما فيهم «إيتو» و«ميليتو» في المنطقة الخلفية لملعب الانتر، وألغى مورينيو كل المراكز في اللعبة وضرب بقوانين الكرة عرض الحائط، فاستخدم كل شيء في الفريق للقيام بالدفاعألا، وظل الفريق الاسباني يهاجم طيلة التسعين دقيقة دون جدوى.
ما فعله مورينيو مع كامل الاحترام والتقدير له ولإمكاناته وتاريخه، هو بمثابة إجرام في حق كرة القدم، فقد حرم ما يقارب 100 الف متفرج، جاؤوا ليستمتعوا بمهارات نجوم البرسا والانتر، وعلى رأسهم الساحر الكبير لوينيل ميسي، والذيألا لم يستطع ان يفعل شيئاً يذكر امام تسعة مدافعين، لدرجة ان المسافة التقديرية بين لاعبي الانتر كانت متراً بين لاعب وآخر، وهي الطريقة التي قال عنها مورينيو بعد المباراة انها الأنسب للفوز على فريق مثل برشلونة !!
ولكن هل كرة القدم فقط نتائج و بطولات؟ أم هي متعة قبل كل شيء؟ ذلك كان المنطق والمبرر الذي ساقه الكثيرون من محبي الفريق الايطالي، طالماألا تحقق النتائج ألافالتاريخ لا يذكر الدفاع والهجوم، وانما التاريخ يذكرمن وصل الى النهائي وفاز بالبطولة، وهذا مبدأ فيه الكثير من الظلم لكرة القدم وللملايين الذين يهدرون اموالاً كثيرة في التنقل وحضور مباريات كرة القدم للاستمتاع بما يجري في المستطيل الاخضر.
والدليل على ذلك،ألا الاندية التي تدفع الملايين من الدولارات ألافي استجلاب اللاعبين ليس فقط من اجل الاداء وإنما من اجل إمتاع جماهيرها، لأن اغلى اللاعبين هم الذين يقدمون المتعه، واكثر اللاعبين بقاءً في الذاكرة هم الذين كانوا يقدمون فاصلاً من اللمحات الفنية في الملاعب، فمن منا لا يتذكر روماريو ومارادونا.
و من منا لا يتذكر زيدان ورونالدو، ومنا لا يحب مشاهدة رونالدينيو، والامثلة كثيرة على ذلك، كل هذه الاسماء موجودةألا بل وباقية في ذاكرة الكثيرين ليس لأنهم لعبوا كرة القدم فقط؟ألا وإنما لسبب اخر وهو انهم استطاعو ان يقدموا المتعة التي لم يكن باستطاعة الكثيرين ان يقدموها.
ألاونقول لمورينيو ان كرة القدم متعة قبل ان تكون نتائج وتحقيق ألقاب، فيكفي انك قتلت مهارات ميسي وأبناء غوارديولا، فأرجوك لا تقتلها في المباراة النهائية امام بايرن ميونخ.