مع بداية شهر رمضان الفضيل، تدب روح جديدة في سوق الحلة الشعبي بالعاصمة السعودية الرياض، حيث يبدو كقطعة من التاريخ أعيد بعثها في الحاضر، أو ربما يبدو جسراً يربط بين اليوم والأمس.

إلى أروقته وردهاته وأزقته، يتقاطر الآلاف من البشر يومياً، يبتاعون في الأساس السلع الغذائية التي ترتبط بالمائدة السعودية، خلال الثلاثين يوماً الأكثر نشاطاً للسوق.

أطعمة تراثية

باعة جائلون يفترشون الطرقات، يعرضون الأطعمة التراثية، هنا سمبوسة وقطايف ولقيمات، وهنالك سمك ولحوم ومشويات، إلى جانب الرؤوس والمقادم والكبدة، وأيضاً السمن، والعسل، والخروب، والتمر.

الولائم الرمضانية العامرة تبدأ من سوق الحلة، الذي لم يفقد رونقه ولم تتراجع قدرته على جذب المستهلكين، رغم ازدحام العاصمة السعودية بالمتاجر الكبرى والمولات الحديثة.

يبدو أن رمضان يشد الناس بخيط حنين غير مرئي، إلى كل ما هو تراثي وقديم أصيل.

بازارات خيرية

وفيما يتعلق بالنشاط التجاري بالمملكة خلال الشهر الفضيل، فإن من اللافت انتشار «البازارات الخيرية»، التي يجد المستهلك فيها كل ما يريد، من المأكولات والمفروشات والثريات والإلكترونيات والمجوهرات، إلى آخره، ويخصص ريعها بالكامل للفقراء والمحتاجين، في صورة من صور التراحم والتكافل التي يتسم بها المجتمع السعودي.

بعيداً عن الأسواق وصخبها، ها هو مدفع الإفطار يعلن أن الوقت حان ليذهب الظمأ وتبتل العروق، وها هي الأسر السعودية يلتم شملها على طاولة الطعام. يبدأ الإفطار عادة بـ«فكوك الريق»، وفق اللهجة المحلية، إذ يحتسي الصائمون قدراً يسيراً من العصائر الرمضانية المحلاة، ويتناولون، اقتداءً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، بضع تمرات، ومن ثم يصلون المغرب، ثم يعودون إلى الموائد العامرة.

ويميل السعوديون عادة إلى أن تكون وجبة الإفطار خفيفة، لا تخلو من المعجنات والعصائر، وبعدما يفرغون من طعامهم، يحتسون الشاي المعطر بالنعناع أو القرنفل أو الزنجبيل، منتظرين صلاة العشاء، فيؤدي الرجال صلاتي العشاء التراويح في المساجد، فيما تتولى النساء مهمة تبخير المنزل بأنواع البخور السعودية الفاخرة.

وتشرع النساء بعدئذ في إعداد وجبة السحور التي تعد الوجبة الرئيسية، وغالباً ما تتضمن الأطعمة السعودية «الثقيلة» مثل الكبسة التقليدية باللحم أو الدجاج، والصيادية والتي تتكون من السمك والأرز، والمندي والمظبي والكبسة والبرياني، والمدفون والمضغوط والمثلوثة.