ليس مثل كل الأرقام، وليس، كما يقال، الرقم الصعب، فهو يتردد مرتبطاً بالعديد من الأمور الحياتية. إنه الرقم سبعة الذي يحوز دلالات عدة، كالدينية والمعمارية والعلمية، وغير ذلك. لدرجة قيل فيها ان الرقم سبعة يملك طاقة في حد ذاته. فهو فريد لا يقبل القسمة، وليس له جذر تربيعي.

ولا يقبل التحليل الحسابي، إذ إنه وحدة حسابية متكاملة. إن الأشياء الكثيرة المذهلة عن هذا الرقم دفعت البعض للتيقن من أنه رقم جوهري في الكون، وفي تكوين الإنسان، بل ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، عندما وجدوا فيه لغزاً مثيراً للتفكير والتأمل.

إن الإنسان الذي يتدرج في معرفته للكثير من الأمور، التي يرد فيها الرقم سبعة، قد لا يعرف أنه يتكون من سبع، وهي: ذرة، جزئية، جين، كروموسم، خلية، نسيج، وعضو. وعادة ما يكتمل نموه كجنين في الشعر السابع، وإذا ولد قبل ذلك فهو لا يعيش. كما أن عدد فقرات الرقبة سبعة.

وهي كذلك في القنفذ والزرافة، وفي الحوت والخفاش، بالرغم من تفاوت طول الرقبة بين أقصى طول في الزرافة، وأدنى القصر في القنفذ. كما ان الحالات الروحانية تعتمد على الرقم سبعة في طلاسم السحر، والأحجية، والتمائم، وفي التسابيح، وفي قراءة الأوردة.

حضور طاغ

أول الأشياء التي يتعلمها الانسان، أن عدد أيام الأسبوع سبعة أيام، ولكن هناك الكثير من المعلومات التي قد يتعرف عليها المرء تباعا، مثل أن ألوان الطيف سبعة ويمكن تحليلها بالموشور أو مشاهدتها بعد هطول المطر، وظهور قوس قزح، وهي: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق الفاتح، الأزرق الغامق، والبنفسجي.

وبعيدا عن الأرض، وفي ذرة الأيدروجين داخل قلب الشمس، يقفز الكترون خارجا من الذرة في سبع مدارات، تقابل سبع مستويات للطاقة، وفي كل مستوى يثبت حزمة من الطاقة، وهي طيف من أطياف الضوء السبعة. أما في الأرض فيصل عدد المعادن الرئيسة الى سبعة معادن، وهي: الذهب، الفضة، النحاس، الحديد، الرصاص، الزئبق، القصدير.

الشاكرات السبع

الشاكرا لفظ سنسكريتي يعني العجلة أو الدوران، وهو مفهوم مأخوذ من النصوص الدينية الهندوسية، ويستخدم في طقوس وممارسات العبادة في الهندوسية، وهي قد تعني مولدات الطاقة في الجسم. ويعزو مفهوم الشاكرا وفقا للطب الهندي التقليدي، إلى الدوامات التي تشبه العجلة والتي يعتقد بوجودها على سطح مزدوج اثيري للرجل. ويطلق على الشاكرات "مراكز القوة".

وتتشكل بازدياد طبقات من الأجسام الرقيقة على شكل مروحة. وتعتبر الدوامات الدوارة للمادة الرقيقة، بؤرا لاستقبال ونقل الطاقات. فالأنظمة المختلفة تطرح عددا من الشاكرات، لكن النظام الأشهر في الغرب هو سبع شاكرات. ويكون التصوير النموذجي للشاكرات إما على شكل زهرة أو عجلة. وقد وصف أحد البراهما الشاكرا، بأنها أشبه بمحطة طاقة في طريقة انتاجها وتخزين الطاقة.

وقد تصبح تلك النقاط أكثر قوة عند سحبها لطاقة الكون. فـ "الأنهار الرئيسية" أي "الأجهزة العصبية الودي واللاودي والمركزي"، تسير داخل العمود الفقري في مسار منحن، وتتقاطع مع بعضها البعض عدة مرات، وتشكل نقاط التقاطع تلك، مراكز طاقة قوية تعرف باسم الشاكرات. وهناك ثلاثة أنواع من مراكز الطاقة في جسم الإنسان.

واولها الشاكرات السفلى أو الحيوانية التي توجد في المنطقة الواقعة بين أصابع القدمين والحوض، وتشير إلى نشأة أصولنا في المملكة الحيوانية. وثانيا، الشاكرات البشرية وتقع على طول العمود الفقري، وأخيرا الشاكرات العليا الموجودة بين الجزء العلوي من العمود الفقري وتاج الرأس.

وفي العصر الحديث أعطت أنوديا جوديث تفسيرا حديثا للشاكرات : "يعتقد أن الشاكرا هي مركز نشاط يستقبل ويستوعب ويعبر عن قوة طاقة الحياة. فترجمة كلمة شاكرا الحرفية هي عجلة أو قرص، وترمز إلى المحيط الدوار لنشاط طاقة بيولوجية منبثقة عن العقد العصبية الرئيسية المتفرعة أمام العمود الفقري".

وحددت جوديث الشاكرات السبع الأساسية، بـ: الشاكرا الجذر أو القاعدة، شاكرا العجز "عظم العجز في العمود الفقري"، شاكرا الظفيرة الشمسية "منطقة السرة"، شاكرا القلب "منطقة القلب"، شاكرا الحنجرة "منطقة الحنجرة والرقبة"، شاكرا الحاجب أو العين الثالثة "الغدة الصنوبرية أو العين الثالثة"، شاكرا التاج "قمة الرأس، وتكون عادة نقطة لينة لحديثي الولادة".

ومعرفة هذه الشاكرات ليس بعبث، فلكل واحدة مهمة من أجل الحفاظ عــلى تــوازن الجســم والعقل وصحتهمـــا. وذلك بدءا من شاكرا الجذر التي عادة ما ترتبط بأساس العمود الفقري، وتتجه إلى الأسفل بين الساقين نحو الأرض، ولونها أحمر.

وهي أداة وصل بين مجموعـــة الطاقات الرقيقة والأرض، وتحفز الإرادة للحياة وتمنح الحيوية للجسم، كما تؤثر طاقتها على حاجتنا للطعام والمسكن والأمور الأساسية المادية المتعلقة بالتجدر في الحياة، والتي تمنح الثبات والصلابة. وتوازن هذه الشاكرا ضروري للانطلاق بقدمين مرتبطتين بالأرض.

وكذا التطور صعودا، عبر بناء شخصية متينة متفهمة لقوانين الطبيعة ومتناغمة معها بعمق. أما شاكرا العجز ولونها برتقالي، فهي تؤثر على التناسل والجنس والمتعة الجسدية والطابع التجاذبي في العلاقات . وهي المكان الذي يخبئ فيه الإنسان، الإحساس بالذنب والإذلال، وتختزن هذه الشاكرا الانفعالات والحاجة إلى الخلق، لذلك توازنها أساسي في حرية التبادل العاطفي بلا تعقيدات وحواجز وتمنح السعادة لصاحبها.

وتمنح شاكرا الظفيرة الشمسية- لونها أصفر، الطاقة الضرورية للتعبير عن الذات بثقة وتصميم، وتسمى مركز السلطة، حيث تمر عبرها الإرادة الذاتية الموصولة بالعالم الخارجي. وإذا توازنت هذه الشاكرا مزجت الطابعين المادي والروحي، العقل والإحساس المرهف، ومنحت صاحبها الشعور بالكمال والرضى والتسامح. وإذا لم تتوازن تتسبب بلخوف والغضب والشعور بالانعزال.

وأما شاكرا القلب ولونها أخضر، وهي موصولة بنصف الصدر إلى جانب القلب. فتختزن الحب والفرح وجميع المشاعر الناجمة عنهما، والمؤدية إلى اكتمال الوعي بوَحدة الحياة، والتواصل مع الحب الإلهي والعطاء بلا مقابل أو خوف، والذوبان في الطبيعة والانفتاح على الآخرين، فيتم التوازن بين الجسد والنفس والبيئة الخارجية، ويعبر صاحبها عن ذاته بالفنون. وفي حال اضطراب هذه الشاكرا، يفقد الإنسان معنى الأخذ والعطاء. وتتحول المشاعر الإيجابية إلى سلبية.

وبالنسبة لشاكرا الحنجرة - لونها أزرق، فتتصل بالخلق، ولا سيما بالتعبيرين الشفهي والمكتوب، وكل ما يتعلق بالتأمل والتفكير والتخطيط، كما تمهد للحقيقة والحكمة والمنطق. ويتمتع صاحب هذه الشاكرا الموزونة بالتناغم بين الصمت والكلام وجودة الإصغاء إلى الصوت الخارجي والداخلي، ومعرفة التواصل مع الآخرين، بدءا بالتواصل مع الذات.

وتختص شاكرا العين الثالثة- ذات اللون البنفسجي، بالوعي الذاتي والوعي الأعلى، وبالحكمة والعرافة، وبالمعرفة والتفكير التصوري، وكل ما يتخطى العلم والمظاهر الحسية. ومن خلال العين الثالثة تنفتح البصيرة على الأمور الروحية التي تمر في باقي الشاكرات، وتؤثر على مجمل أنحاء الجسم، ويقوى الحدس والإدراك لدى صاحب هذه الشاكرا المتناغمة، الذي يتواصل مع الكون بثقة ووعي ورؤية ثاقبة و محددة.

واما شاكرا التاج ذات اللون الأبيض، فهي تقع في قمة الرأس وأعلى منه، وتصلنا مباشرة بالقوة العليا والوعي الروحي. وهي مركز الإشراق والكيان الصافي، حيث يتماهى بها الإنسان مع المعرفة المطلقة، التي تتخطى اللغة والعقل ويستوعب الطاقات الكونية، متخليا عن الأنا الذاتية.

وعمليا، فإنه إذا توازنت هذه الشاكرا لدى صاحبها، فتحت أمامه الطريق لتحقيق روحانيته العميقة ووعيه الكوني. ومنحته شعورا بالسلام الداخلي والاكتفاء. وأما إذا اختل التوازن، فهو يصاب بالقلق والخوف والوهن وعدم الرضى، وايضا بالشعور بالوحدة والانعزال عن ذاته والآخرين.

معان دينية

ورد الرقم سبعة كثيراً في الديانات السماوية، وغيرها من الديانات الاخرى. ففي التوراة يقال ان الله جل جلاله، خلق العالم في ستة أيام، واستراح في اليوم السابع، وفي الإنجيل يقول يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا، ان الله، يفتح يوم القيامة كتاب الأقدار، ويفض الأختام السبعة، فينفخ سبعة من الملائكة في سبعة أبواق.

وتحدث سبعة كوارث تنتهي بها الدنيا. ويظهر الرقم سبعة في الإسلام كعدد مهم في عدة طقوس وشعائر دينية، ففي الحج مثلا الطواف حول الكعبة هو سبع مرات. والسعي بين الصفا والمروة سبع مرات. كما يؤمر الفتى بالصلاة عند السابعة من عمره. وكذلك ذكر في القرآن الكريم: "السموات السبع". وغير ذلك الكثير.

أبواب دمشق السبعة

وجدت الأبواب السبعة في أكثر من مدينة، فهناك الأبواب السبعة في مدينة تطوان بالمغرب، والأبواب السبعة التي تقود إلى البلدة القديمة في القدس، وأبواب دمشق السبعة التي وصفها ابن عساكر بالإشارة بداية إلى أن دمشق بنيت على الكواكب السبعة، وجعل لها سبعة أبواب، على كل باب صورة الكوكب. وهي: باب كيسان الذي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة، وبناه الرومان ونسب لكوكب زحل، وسمي الباب بهذا الاسم نسبة إلى كيسان مولى معاوية بن أبي سفيان، بحسب ما ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق.

أما الباب الشرقي، فيقع في الجهة الشرقية من المدينة القديمة، وبناه الرومـــان ونسبوه إلى الشمس، وصمم بثلاث فتحات، في الوسط بوابة كبيرة، وعلى جانبيهما بوابتان أصغر حجما، ومن هذا الباب كان دخول قائد الجيـــش العباســـي عبدالله بــن علي عند قدومه الى دمشق عام 132 هجري. أما باب توما فيقع في الجهة الشمالية من المدينة القديمة.

وبناه الرومان ونسبوه لكوكب الزهراء، وبعد انتشار المسيحية قاموا بتسميته على اسم القديس توما الرسول، أحد تلاميذ السيد المسيح عليه السلام. وأما الباب الصغير فيقع في الجهة الجنوبية من المدينة القديمة، وبناه وجدده الرومان، ونسبه اليونان من قبلهم الى كوكب المشتري، وعند الفتح الإسلامي لدمشق، دخل منه القائد يزيد بن أبي سفيان، شقيق الخليفة معاوية بن أبي سفيان.

وسمي هذا الباب بالصغير لأنه أصغر أبواب دمشق. كما يقع باب الجابية في الجهة الغربية من المدينة القديمة، وبناه الرومان ونسبوه الى كوكب المريخ، والغالب أن الباب سمي بهذا الاسم نسبة إلى تل الجابية في منطقة حوران، لأن الخارج منه يصل إليها، وصمم هذا الباب بثلاث فتحات في الوسط بوابة كبيرة وعلى جانبيها بوابتان أصغر حجما، ويتصل بالباب الشرقي عبر الشارع المستقيم . وعند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه القائد أبو عبيدة بن الجراح.

ويقع باب الفراديس في الجهة الشمالية من المدينة القديمة، وبناه الرومان ونسب الى كوكب عطارد، وسمي الباب بهذا الاسم نسبة إلى محلة كانت مقابلة له، تقع خارج السور، وتسمى الفراديس، بحسب ما ذكر ابن عساكر في كتاب "تاريخ دمشق". وعند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه القائد عمرو بن العاص.

وأخيرا باب الفرج، ويقع في الجهة الشمالية من المدينة القديمة، وهو باب محدث أنشأه السلطان نور الدين الشهيد، وسماه بهذا الاسم لما وجده أهل البلد من الفرج بعد فتح الباب، وعندما قام السلطان نور الدين بتوسيع سور المدينة بين باب الفرج، وباب الفراديس ودفعه ليكون محاذيا للنهر، أدى ذلك لإنشاء باب آخر على السور الجديد، مقابل باب الفرج الأصلي الداخلي، وهو باب الفرج الخارجي، كما أقام عند الباب مسجدا و"باشورة".

.. في الأدب

في الروايات استخدم العديد من الروائيين الرقم سبعة في سياق الأحداث، سواء أدرك الكاتب أهمية الرقم أم لا، وربما تأتي على لسان البطل أو في الوصف، كما لجأ بعض الشعراء، إلى استخدام هذا الرقم في عنوان مجموعاتهم الشعرية، والمأخوذة من عنوان إحدى قصائدهم، مثل قصائد الخطوة السابعة للشاعر سعدي يوسف، وسبعة أبواب لمدينة الغروب- من تأليف وائل عبد الوهاب أبو رميح، وغير هذا الكثير.

وركز كتاب «الرقم سبعة في حضارة بلاد الرافدين»، على أهمية هذا الرقم في إحدى حضارات العالم العريقة، ويتألف الكتاب من سبعة فصول، حدد الأول منها، آفاق البحث ومدى أهمية الرقم سبعة وانتقال هذه الأهمية إلى العبرانيين من خلال وسائل الاتصال القديمة. ويتناول الفصل الثاني موضوع جذور الرقم سبعة في المصادر المسمارية والمدونات القديمة والأسباب التي دعت العراقيين القدماء للاهتمام بهذا الرقم.

والتأكيد عليه من خلال رموز كثيرة. وعالج الفصل الثالث مسألة أثر الرقم سبعة في المعتقدات الدينية. ورصد الفصل الرابع أثر ذلك الرقم في المعتقدات الاجتماعية. وشكل أثر الرقم سبعة في الظواهر الطبيعية والكونية محور بحث الفصل الخامس في الكتاب. كما عالج الفصل السادس أثر الرقم سبعة في الحياة اليومية. وأخيرا جاء الفصل السابع ليوضح دلالات ذلك الرقم في الأدب العراقي القديم.

وتحدثت الملحمة البابلية عن عودة جلجامش وبقائه مستيقظاً سبعة أيام كي يحصل على عشبة الخلود، وكذلك والفأس التي تناولها جلجامش تزن سبعة طالنات.. وكذلك ذكرت التدوينات الفرعونية حلم فرعون والبقرات السبع .