"الأليزيه، كواليس وأسرار قصر"، عنوان الكتاب الذي يقدمه الصحافي، والمدير السابق للتلفزيون الفرنسي، باتريس دوهاميل، بالاشتراك مع المخرج جاك سانتا ماريا، إذ يفتحان فيه أبواب مقر الرئاسة الفرنسية، ويحاولان الكشف عن الأسرار التي شهدتها كواليسه في ظل رؤساء فرنسا، منذ لويس نابليون بونابرت، وحتى رؤساء الجمهورية الفرنسية الخامسة التي أسسها الجنرال شارل ديغول في عام 1958، كشرط لقبوله تولّي مقاليد الحكم في خضم حرب التحرير الجزائرية.
يطرح المؤلفان في مقدمة كتابهما، عددا من الأسئلة، مثل: ما هي الأسرار التي تخبئها جدران البناء الواقع في الرقم 55 قصر الاليزيه- من جادة فوبور سانت هونوريه في باريس؟ ماذا يجري في كواليس هذا القصر الذي يضم مركز السلطة والمقر الرسمي لرئيس الجمهورية الفرنسية منذ لويس نابليون بونابرت؟
وما يؤكده المؤلفان، أنه ليس هناك تاريخ كبير من دون تاريخ صغير، وليس هناك اليزيه من دون أسرار وحكايات صغيرة. ولكن غالبية هذه الأسرار تبقى طي الكتمان ولا يطّلع عليها سوى القلة القليلة. إنها تبقى خلف ستار كتيم. ويؤكد مؤلفا الكتاب على أنهما يريدان رفع هذا الستار، والذي يفصل الفرنسيون العاديون عن ما يجري في دوائر السلطة.
ويبين المؤلفان، أنه قليل هم الذين يعرفون، قبل هذا الكتاب، أن السيدة برناديت شيراك، زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، كانت قد قامت بعملية ترميم كاملة للركن المكرّس لتأدية الصلوات في قصر الاليزيه، ليقيم فيه البابا يوحنا بولس الثاني القداس، عند زيارته إلى باريس في شهر أغسطس من عام 1997.
وكان البابا قد تخلّى في النهاية عن إقامة ذلك القداس، وتحوّل ذلك الركن إلى قاعة انتظار للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وزوجته. وبدلا من مكان المذبح السابق، وُضعت صورة كبيرة لكارلا ونيكولا، من صور زيارتهما إلى لندن في عام 2006، عندما استقبلتهما الملكة اليزابيث الثانية.
ويتحدث المؤلفان عن الصالون الذهبي: الرمز الحقيقي للقصر، ويوضحان انه جرى استخدامه لإجراء أحد اللقاءات الاستثنائية التي عرفتها الجمهورية الفرنسية الخامسة. وذلك عام 1979، بين الرئيس الأسبق فاليري جسكار ديستان وثلاثة مثقفين كبار، وهم: جان بول سارتر وريمون آرون واندريه غلوكسمان. وهؤلاء أرادوا لفت انتباه الرئيس إلى وضع التمييز العنصري في جنوب إفريقيا. وناقشوا معه المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان. ويقول المؤلفان، إن شيئا ما يجري دائما في قصر الاليزيه.
ويركز المؤلفان على تأكيد حقيقة مهمة، حتى ولو بصور مختلفة وعبر العديد من الأمثلة الحيّة، مفادها أنه يوجد خلف القناع البارد للسلطة، أزواج وأصدقاء وأرباب أسر، وكذا أذواق مختلفة وعادات فردية وأطباق طعام مفضّلة. وقبل كل شيء مزاج كل رئيس في تعامله مع مرؤوسيه، فمثلا لم يكن الجنرال ديغول يحب العطلة أبدا.
وبالتالي لم يكن يتصوّر أن يطلب مساعدوه أية إجازة. ويروي المؤلفان أن أحد أولئك المساعدين نجح، وعبر مفاوضات صعبة مع رؤسائه، في الحصول على إذن الذهاب في عطلة لعدة أيام. ولكنه فوجئ عند أول معبر لدفع رسوم المرور، أنه مطلوب لأمر عاجل، إلى الاليزيه. وعندما دخل إلى الصالون الذهبي فاجأه الجنرال بالقول غاضبا: "إذن، ما هي حكاية هذه العطلة؟ ".
ويروي المؤلفان أيضا، انه بعد عدة أشهر من انتخاب فرانسوا ميتران رئيسا للجمهورية الفرنسية، في عام 1981، أطلق ما يشبه القنبلة عندما اعترف أنه كان على وشك فقدان مفتاح الرقم السري الكود- للسلاح النووي الفرنسي. وفي عودة للوراء تتم الإشارة إلى أنه، وعندما سلّم جسكار ديستان "السلسلة الذهبية" المنقوش عليها ذلك "الكود"، إلى ميتران، وضعها الاخير في جيبه.
ونسي تماما أن بزّته ستنتهي عند المنظّف. وقد أسرّ ميتران أثناء مأدبة عشاء إلى أحدهم: "خشيت الأسوأ وأن تضيع السلسلة عند تنظيف البزّّة على الناشف. وقد أرسلت حالا أحدهم على دراجة نارية. وجرى تجنب الكارثة، بعد 30 دقيقة، استعدت السلاح النووي ووضعته في رقبتي".
الكتاب: الاليزيه كواليس وأسرار قصر
تأليف: باتريس دوهاميل جاك سانتا ماريا
الناشر: بلون باريس 2012
الصفحات: 396 صفحة
القطع: المتوسط
LElysée
Patrice Duhamel, Jacques Santamaria
Plon - Paris- 2012
396 .p
