يستعرض كتاب "الثورة الآن"، لمؤلفه سعد القرش، موضوعات حيوية وشيقة عن ثورة 25 يناير في مصر، ويستعين المؤلف في مقدمة كتابه يستعين الكاتب سعد القرش بمقولة في مقدمة كتابه، بعدة مقولات تاريخية، ومنها مقولة ابن بطوطة، قبل نحو 700 عام، في وصف مصر، حين قال: "يستبد العسكر، والشعب يئن تحت وطأة الحكم، ولا يهتم الأقوياء بذلك، والعجلة تدور".
ويبدأ القرش الفصل الأول، بالحديث عن تحالفات المثقفين واجتماعاتهم مع السلطة الحاكمة السابقة، ويعود في تأريخه إلى فترة ما قبل الثورة إلى أغسطس 2010، حين قرّر تسطير كتاب إلى الرئيس السابق حسني مبارك، إذ زاده من الإصرار على كتابته، تلقيه اتصالاً هاتفياً من قريته، يخبره بموت أخيه أحمد، بعد معاناة طويلة ومرض شاق وغيبوبة، وتلك طبعا بفعل وخلفيات أشارت بأصابعها إلى منظومة وأشخاص، من بينهم رئيس دستوري غير شرعي، وابن هو الحاكم الفعلي للبلاد، وشهود زور، وكهنة مثل فتحي سرور ومفيد شهاب وعلي الدين هلال وأسامة الباز والسيد ياسين وجابر عصفور، وذلك طبقا لما يسرد مؤلف الكتاب.
كما يرصد الكاتب جملة تحوّلات وأحداث فارقة، وايضا تصريحات محورية، شكلت توليفة وبنية تشابكات الحياة في مصر قبل الثورة ومهدت لها. ويرى القرش في عرض وجهة نظره بهذا الشان، أن جمال نجل مبارك لم يكن يختلف عن سيف الإسلام القذافي في شيء، ولا مبارك عن القذافي، فكلهم وجوه قبيحة.
ويستنتج أنه، وعلى خلاف ما يقال، ليست الثورة المصرية في الأساس، امتداداً للثورة التونسية، وأن هذا تبسيط يهدر حقيقة أن الاحتجاجات والمظاهرات والانتفاضات والمظاهرات الصغيرة، بدأت عام 2004، ثم تعززت بالإعلان عن الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية"، والتي سبقهتا أيضاً تحركات واحتجاجات متفرقة.
ولا يكتفي القرش بانتقاد الآخرين، إذ ينتقد نفسه أيضاً، وكذلك يفند مآخذ ونواقص اقتراحه الخاص الذي قال فيه بان: " يجمع العقلاء 10 ملايين توقيع مثلاً، يتعهدون فيها للرئيس بخروج آمن، خروج من السلطة لا من البلد، خروج لا تتبعه ملاحقة قضائية أو نكت، في فترة حياته على الأقل، حل سهل لعله يخرجنا من هذا المأزق".
ويحكي القرش للقارئ، عن الأيام الأولى للثورة، مصورا حالة الترقب والقلق وحظر التجول، عبر وصف بديع يوصل الصوت والصورة والرائحة أيضاً، في هذا السياق، ليقدم صورة متكاملة، كوّنها بحكم موقعه وسط الأحداث في مكتبه بصحيفة الأهرام، وينقلها لقرائه بمنتهى الدقة، ولا يمكن وصف ما تقرأ إلا بأنه مغامرات.
وخطوة بخطوة، يتابع المؤلف الأحداث والقرارات ورد فعل الثوار عليها، ويخبرنا بأنه ليس الصحافيون والمثقفون فقط، هم من كان كثير منهم ضد الثورة ثم انقلب ليكون معها، ولكن الدعاة أيضاً، ومن بينهم الشيخ خالد الجندي الذي استغل مركزه وتصديق الناس له، فأخذ يقول عبر فضائيته، ان من بالتحرير يعبثون بالبلاد، وانهم ليسوا جميعاً مصريين.
مؤكداً أنه تم القبض أمام بيته، على شاب ينتمي إلى إحدى الدول العربية، وكان معه مواد مخدرة. وأما مفتي الديار المصرية فخرج على إحدى القنوات التلفزيونية؛ ليقول إن ما يحدث فتنة لا يرضى عنها الرب، رغم أنه هو نفسه من أفتى الليبيين بضرورة الخروج على القذافي، ليس هذا وحسب، فقد تجلت الوحدة الوطنية في اتفاق شيخ الأزهر والكنيسة، على النهي عن المشاركة في المظاهرات، ولكن السماء لم تستجب للتوسلات.
ثم يمتد الحديث إلى الزوار العابرين والدائمين للميدان، فيرصد المؤلف زيارة عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية (حينها)، ميدان أيضاً، وذلك في محاولة منه لتهدئة الثوار وجعلهم يعودون إلى بيوتهم، وكانت زيارته للميدان، زيارة سائح قبيل سقوط نظام تأكد له قرب نهايته، وقد صرح لإذاعة أوروبية، انه يدرس ترشحه للرئاسة بعد نهاية الفترة الحالية للرئيس.
ولا تنتهي المخاوف المستقبلية من وجهة نظر الكتاب، فالقرش يختم كتابه بقوله: "بعد ما تصورته نجاحاً للثورة، أكاد لا أفهم شيئاً، فمن يصنع هذا التحالف الشيطاني بين السلفيين ومؤسسات دولة يريد مواطنوها الشرفاء أن تخرج إلى النور.." أرجوكم لا تسهموا في تحضير العفريت! لنكن فاعلين وشهوداً على ولادة دولة مدنية، لا شهداء في دولة دينية ستأكل المخالفين لها، بمن فيهم الإخوان المسلمون".
الكتاب: الثورة الآن
تأليف: سعد القرش
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة 2012
الصفحات: 446 صفحة
القطع: المتوسط
