«العالم في المقلاة»، كتاب قدّمه الباحثان بول وانجيلا كنايبل. وهو، كما يدل عنوانه، يخص عالم الطبخ وتذوّق الطعام، ولكنه بالتأكيد، أكثر من ذلك، من حيث تناوله علاقة المطبخ والمآكل بالثقافة، وكذا دور عالم الغذاء والطعام في الاندماج الاجتماعي في البلدان التي يؤمّها مهاجرون كُثر، وذلك مثل: الولايات المتحدة الأميركية.

وكذلك يتم التعرض لدور التقاليد الغذائية، في عملية التواصل بين الحضارات والثقافات. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب، ورغم ما يحتويه من شروحات عن طرق تحضير وجبات الطعام، ليس صادراً عن دار نشر تهتم بمطبوعات من نوع "كيف تتقن الطبخ الفرنسي؟" ولكنه صادر بالأحرى، عن جامعة كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة الأميركية. ويعتمد مؤلفا الكتاب، كثيرا، على المقابلات المباشرة التي أجرياها مع خبراء في عالم الطبخ.

ويلفت المؤلفان النظر بداية، إلى واقع أن الأجيال الأولى من المهاجرين، في جميع أنحاء العالم تقريبا، عمل أفرادها، وفي نسبة كبيرة من الحالات، كطبّاخين أو كأصحاب مطاعم أو بمجال الخدمة "المطبخية" في المنازل. مثل هذه الفئات كلها، ومن لفّ لفّها، انطلق أبناؤها بأعداد كبيرة من مناطق الجنوب الأميركي، نحو بلدان الشمال، باعتبار أنهم يملكون حرفة يستطيعون توظيفها.

إن هذا العمل يمثل بأحد وجوهه، وثيقة حقيقية عن تطور ثقافة الطعام في بلدان جنوب القارة الأميركية خاصة. ولكنه أيضاً، يقدم تاريخاً حقيقياً للمهاجرين أنفسهم، ضمن المقياس، للذين أصبحوا فيه جزءا لا يتجزأ من نسيج المناطق التي عاشوا فيها. والوجه الثالث لهذا العمل هو أنه شهادة مهمة عن الطريقة التي يساهم فيها المهاجرون، في تجديد البلدان التي يقيمون ضمنها، ويزيدون من ثروة بلدانها.

وينبغي عدم التقليل من الجانب الوصفي لهذا العمل، إذ، وأبعد من كونه كتابا، نجده يطول ويسهب في الحديث عن وجبات الطعام، فيقدم صورة واضحة عن مدى "تنوّع الطاولة وجبات الطعام- الحديثة" في الجنوب الأميركي، ذلك كنتيجة لتبدّل كبير في نوعية وجبات الطعام، من خلال استقبال ودمج مكونات جديدة في الوجبات القديمة. وهذا وصولاً إلى القول ان التغذية الأميركية، لم تعد كما كانت عليه سابقاً.

ويقدم المؤلفان، نوعاً من الجرد للمكونات الجديدة، أو لمختلف أشكال التجديد، ذلك في وجبات الطعام، في مناطق جنوب أميركا، بحيث تبدو أنها تشهد حالة تطور مستمر، ترفدها أصناف طعام جديدة، يجلبها المهاجرون القادمون من مختلف مناطق العالم معهم. ويحدد المؤلفان القول ان ثقافة الغذاء في مناطق جنوب أميركا، تمثل نموذجا ثقافيا فريدا، عبر ما يتلقاه من تأثيرات خارجية.

وما امتزج فيه من أفضل أنماط تذوّق الطعام في العالم كله. وفي نوع من العودة إلى الوراء، يحاول المؤلفان تحديد مكانة الطبخ الجنوبي، أي مناطق جنوب الولايات المتحدة، في إطار المطبخ الأميركي عامة. ويشرحان أنه، ورغم الحنين إلى وجبات الطعام التقليدية.

فهناك العديد من المهاجرين، من صانعي الأغذية، أسهموا في زيادة ثراء نمط الغذاء الإقليمي، بمعنى الجنوبي، قياسا إلى مدن الشمال الأميركي (المتطوّرة). ما فعله المهاجر القادم من البوسنة: كنتكي، أو ذلك الاثيوبي الذي أضاف أنواعا جديدة من الحساء، والذي نال شهرة كبيرة على صعيد الولايات المتحدة الأميركية كلها.

ويسأل المؤلفان: من كان يعرف أنه توجد "مستوطنة كردية" في بلدة ناشفيل؟ ويؤكدان ذلك. ويقدمان شرحاً للطريقة التي يحضرون بها وجباتهم في المطاعم العديدة التي يمتلكونها. تمثل الأبحاث في هذا المؤلف، صيغة كتاب مهم في حقل "الثقافة الغذائية في جنوب أميركا"، كما يحدد المؤلفان القول. وهذه الثقافة عرفت قطيعة كبيرة مع الماضي. وهذا ما يتم شرحه في الفصل الذي يحمل عنوان "حرّاس الشعلة"، إذ يتم اصطحاب القارئ إلى أربعة بيوت للطبخ، تعود لمهاجرين قدموا من الخارج.

 

 

الكتاب: العالم في المقلاة

تأليف: بول كنايبل، انجيلا كنايبل

الناشر: جامعة كارولينا الشمالية - 2012

الصفحات: 531 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

The world in a skillet

Paul Knipple, Angela Knipple

University of North Carolina- 2012

296 .p