تحتل عائلة بونانو، مكانة مركزية، في تاريخ المافيا، عبر تزعّم بعض أفرادها منظمة كوزانوسترا الشهيرة، ذات الأصل الإيطالي، قبل أن تتابع نشاطاتها على نطاق واسع، في الولايات المتحدة الأميركية. وبيل بونانو، وهو أحد الأسماء التي تتردد عند الحديث عن تاريخ المافيا. وهذا العالم المحكوم بمبادئ الولاء والسر والأخوّة والبقاء بأي ثمن.

توفي بيل بونانو في عام 2008، ولكنه ترك وراءه مذكراته، التي تحدّث فيها عن الأسرار الأخيرة لحياة في المافيا، كما يقول العنوان الفرعي للكتاب، والذي صدر مؤخّرا، تحت عنوان: "الوصية الأخيرة لبيل بونانو".

ويسهم في هذا الكتاب المحامي الأميركي، غاري ب. ابروفيتش، الذي كان قد أجرى مع بيل بونانو، عدة أحاديث، استمرت طيلة 12 عاما. وهكذا يأتي الكتاب بالدرجة الأولى كـسيرة ذاتية، توفي صاحبها قبل أربع سنوات.

بيل بونانو، واسمه الحقيقي سلفاتور فانسان بونانو، هو ابن جوزيف بونانو، أحد زعماء عرّابي- المافيات الأكثر شهرة في تاريخ منظمة "كوزانوسترا". ومن خلال الخبرة التي اكتسبها بيل بونانو، عبر تجربته في الدور، والذي كلفه فيه أبوه بإدارة أعمال الأسرة، أثناء العصر الذهبي للمافيا.

وهذا أيضا، كتاب عن الحياة والموت، داخل إطار المافيا. وذلك أن المؤلف يتحدث عن الكثير من اللحظات الحاسمة والعصبية التي عاشها، لذلك طالب بأن يتم نشره بعد موته، حيث انه يكشف أسرارا لم تكن معروفة قبل الآن، عن آليات عمل منظمة "كوزا نوسترا".

ويقدم المؤلف توصيفا لما كان يجري في لقاءات اللجان السرية، خلال السنوات الممتدة من ثلاثينيات القرن العشرين، وحتى سنوات الستين، فيه. وبهذا المعنى، يصطحب بيل بونانو قارئه، إلى خلف الأبواب الموصدة.

ويكشف المؤلف كيف أن أسرته، أسرة بونانو، انقسمت إلى عدة فئات متنافسة، بل عاشت حالة حرب حتى الموت، فيما عرف بحرب الموز، إشارة إلى دلالة اسم بونانو باللغة الإنجليزية. وكانت تلك الحرب، قد انطلقت بين بيل وعدد من أفراد الأسرة ممن كانوا يشككون بكفاءاته وبنقص تجربته، وأنه مثقف أكثر مما ينبغي، أي مجموعة من الصفات التي تمنعه من ممارسة إدارة فعالة للمؤسسة.

وزادت التوترات في أجواء الأسرة ، عندما نصح بيل والده، بعدم مشاركة الأسرة في المساهمة بالتجارة غير المشروعة للمخدرات. غاب الأب جوزيف بونانو، لمدة عامين كاملين، عن مسرح نشاطات الأسرة. وانطلقت في غيابه، حرب الموز أو حروب الموز، بالجملة، إذ طالب غاسبار بونانو بزعامة الأسرة، على خلفية الاستياء من دور بيل.

واستمرت النزاعات أربع سنوات كاملة. حاول بيل في عام 1966، أن يعقد اجتماعا لإتمام اتفاقية سلام، ولكن جرى إطلاق النار عليه وعلى أنصاره، عند تقدمهم من الموقع المحدد للقاء. من دون وقوع ضحايا. وفي عام 1968، قبل جوزيف، الأب، بعد أزمة قلبية، إنهاء دوره كعرّاب، ومن ثم الذهاب إلى التقاعد، والانزواء في ولاية اريزونا.

وفي الوقت نفسه، قرر بيل الاستقالة من المركز، والذي عيّنه فيه والده، وترك نيويورك برفقته. وكان ذلك بمثابة اعتراف صريح بالهزيمة، أمام المنافسين من بقية أبناء أسرة بونانو.

ويضم الكتاب الكثير من الصفحات، المثيرة، حول ما كان يجري في الاجتماعات المغلقة التي كانت تعقدها عائلات المافيا الخمس، من أجل تسوية خلافاتها. وكانت تلك الاجتماعات تتسم بقدر كبير من السرية.

وما يؤكده المؤلف، أنه كانت هناك علاقات وثيقة بين بعض عرّابي المافيا النيويوركية، ومسؤولين في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي. والإشارة إلى أنه نتيجة لتلك العلاقات لم تكن التقارير التي كان يعدّها ذلك الجهاز السري الرئيسي في أميركا تتسم بالدقة. بل كانت تضم الكثير من المغالطات الواعية، بقصد تشويش توجهات رجال الشرطة. وكنز من المعلومات عن المافيا، بقلم رجل مافيا سابق، وابن أحد عرابيها، وأضواء على آليات عمل أحد أكثر الظواهر سريّة وجهلا بها، في زمننا.

 

 

 

 

 

 

الكتاب: الوصية الأخيرة لبيل بونانو

تأليف: بيل بونانو غاري ب. ابروموفيتش

الناشر: وليام مورو نيويورك 2011

الصفحات: 368 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

 

Last testament of Bill Bonanno

Bill Bonanno, Gary B. Abromovitz

William Morrow- New York - 2011

368 .p