يشير كتاب (ثورة 25 يناير من أين وإلى أين؟) لمؤلفه الدكتور رؤوف حامد، إلى انه، وطبقاً لمضمون الورقة التي كان قدمها المؤلف نفسه، في "منتدى حوار الثقافة" في مصر، العام 2007.

والتي توقع فيها سقوط النظام عام 2009 (بزيادة أو نقصان عام واحد)، يشير إلى انه لم يكن هذا التاريخ الذي ذكره الكاتب، آنذاك من وحي خياله أو مجرد استنتاج منه، بل يدلل على ذلك بأحداث من التاريخ المصري. ووضح المؤلف ذلك:

"طوال الفترة الزمنية للتواريخ التالية، والأحداث المتزامنة لها، هناك دورة زمنية للتغيير مدتها 35 عاماً، فعام 1848 شهد انتهاء فترة حكم محمد علي، لتأتي ثورة عرابي عام 1882 ضد نظام حكم الأسرة نفسها، بفارق 35 عاماً، ثم جاءت ثورة 1919 لتنادي بالاستقلال عن الاستعمار الإنجليزي بفارق 37 عاماً عن الحدث الذي سبقها، ثم تأتي ثورة 1952 التي قام بها الضباط الأحرار.

والتي كان من أهدافها القضاء على الاستعمار.. وأخيراً الانفتاح الاقتصادي عام 1974 الذي سبق الحركات الاحتجاجية التي بدأت في 2007 بالمدة نفسها تقريباً .. إن فترة 35 عاماً هي فترة زمنية كفيلة ببناء جيل يجري تشكيله ونضجه حتى يستطيع قيادة التغيير".

ويذكر حامد في ورقته/ الكتاب، أنه كان من المتوقع أن يحدث تغيير نوعي كبير فيما بعد ثورة 1952 بحوالي ثلاث عقود أو أكثر، أي تقريباً عام 1985، وأن تتحول مصر إلى نمر اقتصادي كبير - طبقاً لكتابات اقتصادية عالمية مهمة.

وليست ورقة عمل منتدى الحوار الثقافي هي الورقة الوحيدة التي يحويها الكتاب، بل ضم الكثير من الأوراق التي شخصت واقع المجتمع المصري قبل الثورة، وفي إحداها يضع المؤلف مجموعة من الخطوات لاستنهاض واقع المجتمع المصري، منها أنه لا يمكن أن يكون هذا الاستنهاض مجرد امتداد لهذا الواقع، فهو يتطلب منظومة جديدة من الأهداف والعلاقات، كما يعتبر استنهاض واقع المجتمع المصري عملية إبداعية.

ويفسّر عمليات انكشاف الفساد، وتعدد بزوغ ردود فعل جماعية رافضة ومقاومة له في الشارع المصري بأمرين، الأول هو عمق الأبعاد الحضارية والثقافية للإنسان المصري، والثاني اكتساب الشارع السياسي لحركية نسبية في العامين الأخيرين بدأت بظهور الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية".

ويلفت حامد إلى منظور للارتقاء، يسمى "المنظور الحلزوني"، وهو يعني حدوث تطورات جزئية في العناصر أو الخطوات، تقود بعد ذلك إلى تطور جذري في الكل، ويجذب الانتباه إلى خاصيتي النقاء والابتكار في مسيرة هذا الارتقاء الاحتجاجي الحلزوني، ضارباً المثل بالاحتجاجات التي سبقت الثورة، والتي لم يصحبها انحراف في السلوكيات أو إتلافات في الأصول والممتلكات.

ويشخص حامد داء الثورة المصرية في هذه المقولة "يمكن القول ان البنية التنظيمية للثورة لم ترتقِ إلى أعلى من بنيتها وقت إسقاط النظام. هذا التلكؤ في الارتقاء بالبنية التنظيمية للثورة جعلها من الناحية النظرية في حالة محلك سر".

ويؤكد المؤلف أن السقف الموضوعي للثورة هو أعلى وأكثر تكاملاً ونضجاً من أي إجراء محدد، وهذا السقف يتمثل في وصول البلاد إلى حالة معينة وليس إجراءً، والحالة تعني أن يكون الشعب المصري بجميع مؤسساته الإستراتيجية مثل البرلمان والقضاء والإعلام والحكومة، قادراً على توليد ارتقاءاته وحماية إنجازاته.

كما يقترح المؤلف أن يكون رئيس الجمهورية المقبل لمصر مفكراً، وهو لا يعني المفكر الأيديولوجي أو العقائدي بالذات، وإنما الإنسان الذي يدرك أهمية التنوع في إثراء وتعظيم قوة الفكر، وبذلك سيكون أكثر حيادية وموضوعية في التعامل مع الآخرين، ومع فكرهم. وهو الذي سينتظر بفارغ الصبر اللحظة التي يترك فيها منصب الرئاسة للآخر حتى يسرع هو بالعودة إلى التفاعل الفكري بالأخذ والعطاء بحرية أكثر.

 

 

 

الكتاب: ثورة 25 يناير من أين وإلى أين؟

تأليف: الدكتور رؤوف حامد

الناشر: دار المعارف - القاهرة - 2011

الصفحات: 242 صفحة

القطع: المتوسط