في يوم مشرق من أيام الوطن، تزينت أبوظبي بافتتاح متحف زايد الوطني في لحظة تاريخية تحمل رمزية عميقة تزامنت مع احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الـ54 تحت شعار «متحدين».

هذا الحدث لم يكن مجرد حدث ثقافي أو معماري، بل كان احتفاء بروح الاتحاد التي أرساها القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وتجسيداً عملياً لقيم الوحدة والبناء والإرادة التي جمعت أبناء الإمارات تحت راية واحدة.

في كلمته خلال الافتتاح، أكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن متحف زايد الوطني ليس مجرد صرح ثقافي، بل جسر يربط تاريخنا بحاضرنا ومستقبلنا، موضحاً أن الحفاظ على إرث المؤسس هو مسؤولية وطنية تُعبّر عن الوفاء لجيل صنع الاتحاد ووضع أسسه الراسخة على قيم الحكمة والإنسانية والعطاء.

يُجسّد المتحف بتصميمه المبدع المستوحى من أجنحة الصقر، رمز الفخر والشموخ في الثقافة الإماراتية، روح القوة التي انطلقت منها مسيرة الاتحاد. وفي داخله تمتد رحلة الزائر بين قاعات تعرض تاريخ الإمارات عبر آلاف السنين، من الجذور الأولى للحضارة في هذه الأرض حتى الحاضر المشرق. إنها رحلة لا تروي سيرة زايد الإنسان والقائد فحسب، بل تحكي قصة شعب آمن بالاتحاد طريقاً للمستقبل.

المتحف يضم مقتنيات نادرة للشيخ زايد، ووثائق وصوراً تسجل محطات بناء الدولة وتطورها، إضافة إلى قاعات تفاعلية تربط الزائر بتاريخ الإمارات الطبيعي والبحري والإنساني. كما يحتضن برامج تعليمية وثقافية تهدف إلى غرس القيم الوطنية وتعزيز روح الانتماء لدى الناشئة، ليكون منارة للأجيال ومصدر إلهام لكل من يسعى لمعرفة سرّ نجاح هذا الوطن.

إن افتتاح متحف زايد الوطني يأتي كتتويج لمسيرة بدأت عام 1971 حين اتحدت الإمارات تحت راية واحدة، واليوم، بعد أكثر من خمسة عقود، تستمر المسيرة بروح الشعار الذي اختاره الوطن لاحتفاله: «متحدين» — متحدين في الإرث، متحدين في الرؤية، متحدين في المستقبل. فكما كان الاتحاد حلماً جمع القلوب والعقول، يأتي هذا المتحف ليجسّد تلك الروح في قالبٍ ثقافي خالد، يعبر عن وحدة الأرض والإنسان، وعن العهد الذي يجمع الأجيال على حب الوطن وقيادته.

إن متحف زايد الوطني ليس مجرد وجهة سياحية جديدة، بل هو ذاكرة وطن نابضة، وشاهد على رحلة مجد بدأت من رؤية القائد المؤسس، وتستمر اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، لتؤكد أن الإمارات - كما كانت بالأمس - ستظل متحدة في العزم والطموح والإرادة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.