تعزيز الرعاية الصحية الأولية والوقاية.. حجر الأساس لنظام مستدام

سلسلة نحو الريادة

هذه المقالة هي الأولى ضمن سلسلة «خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035»، التي تستعرض على مدى الأسابيع المقبلة محاور تطوير المنظومة الصحية، مستلهمة رؤية القيادة الرشيدة بأن صحة الإنسان هي الأولوية الأولى في مشروع الوطن.

لماذا الرعاية الأولية والوقاية؟

الرعاية الأولية تعني أن يلتقي المواطن أو المقيم طبيبه في مركز الأسرة أو العيادة المجتمعية قبل أن يصل إلى غرفة الطوارئ. الوقاية تعني أن نوقف المرض قبل أن يطرق الباب.

تقدر منظمة الصحة العالمية أن الاستثمار الجاد في الرعاية الأولية قد ينقذ 60 مليون حياة عالمياً، ويضيف نحو 3.7 سنوات لعمر الفرد بحلول 2030. بالنسبة للإمارات، حيث تصل معدلات السمنة والسكري إلى أكثر من 20% بين البالغين، تصبح الوقاية ضرورة وطنية، وليست خياراً.

دروس عالمية ملهمة

سنغافورة: خصصت 5% فقط من ميزانيتها للوقاية، لكنها نجحت في خفض سنوات العمر المهدرة، بسبب المرض بنسبة 40% بين 1990 و2019، وتصدرت العالم في متوسط العمر الصحي.

الولايات المتحدة: تنفق 90% من ميزانيتها الصحية (4.9 تريليونات دولار) على علاج الأمراض المزمنة، لذلك عززت برامج الفحص واللقاحات، حيث يوفر كل دولار يُنفق على التطعيمات نحو 5 دولارات من تكاليف العلاج.

اليابان: بفضل الفحوص المبكرة ونمط الحياة الصحي تحقق اليابان أعلى متوسط عمر متوقع عالمياً (87.6 للنساء، 81.5 للرجال) مع معدلات وفيات منخفضة من أمراض القلب والسرطان.

الإمارات: من العلاج إلى تعزيز الصحة

في الإمارات بدأت الخطوات واضحة:

• توسع مراكز الرعاية الأولية.

• حملات وطنية ضد السكري والسمنة.

• سياسات مثل ضريبة المشروبات السكرية والتبغ.

• مبادرات تشجع على النشاط البدني ونمط الحياة الصحي.

هذه ليست مجرد برامج، بل تحول فلسفي من «علاج المرض» إلى «تعزيز الصحة» باعتباره استثماراً في الإنسان واقتصاد الدولة معاً.

نحو نظام صحي متكامل 2035

الطريق إلى الريادة الصحية يتطلب:

• أن تكون المراكز الأولية هي البوابة الأولى للرعاية.

• أن يكون لكل مواطن طبيب أسرة متابعاً لحالته.

• أن تتكامل الرعاية الرقمية عبر سجل صحي وطني موحد.

•أن يتعلم الجيل الجديد منذ المدرسة أن الوقاية أسلوب حياة.

البداية من هنا

الرعاية الأولية والوقاية ليست تفصيلاً صغيراً، بل حجر الأساس لخريطة الطريق الصحية الإماراتية. تجارب العالم واضحة: من يستثمر في الوقاية يحصد أعماراً أطول، مجتمعاً أكثر إنتاجية، وتكاليف أقل.

هذا المقال هو البداية. وفي الأسبوع المقبل نستعرض معاً المحور الثاني: الصحة النفسية أولوية وطنية، لنؤكد أن بناء الإنسان المتوازن نفسياً لا يقل أهمية عن علاج جسده.