في ملتقى محمد بن راشد للقادة، الذي انعقد في دبي وجمع مئات القادة وصانعي القرار والمفكرين من القطاعين العام والخاص، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، نداء صريحاً بأن تكون دبي الأولى عالمياً، ليس في مجال واحد، بل في كل مجال يمس الإنسان وحياته.

كانت كلماته قاطعة، تحمل في طياتها عهداً جديداً بأن يبدأ كل مشروع من الإنسان، وينتهي إليه، وأن تكون جودة حياته الهدف الأسمى لكل رؤية وسياسة وخطة، ولأن الصحة هي الأساس الذي تقوم عليه جودة الحياة، فقد وضعها سموه في صميم هذه المبادرة، فلا تعليم بلا صحة، ولا اقتصاد بلا صحة، ولا مستقبل بلا صحة. الصحة ليست مجرد خدمة تقدم عند الحاجة، بل هي مشروع حضاري شامل، ومقياس حقيقي لريادة أي مدينة.

دبي والريادة الصحية.. من الحلم إلى الالتزام

دبي ليست جديدة على الريادة؛ فقد اعتادت أن تكسر المستحيل في الاقتصاد، والسياحة، والبنية التحتية، والتقنية. واليوم، جاء الدور على القطاع الصحي ليكون عنوان المرحلة المقبلة. ليس السؤال: هل يمكن لدبي أن تصبح الأولى صحياً؟ بل متى سننجز ذلك؟

لدينا ما يؤهلنا: بنية تحتية طبية متقدمة، إرادة سياسية لا تعرف المستحيل، وموقع استراتيجي يجعلنا نقطة جذب للعقول والخبرات، لكن ما ينقصنا هو تحويل هذه المقومات إلى منظومة موحدة، بخطة جريئة، تضع الصحة على رأس الأولويات الوطنية.

الركائز الخمس لمستقبل الصحة في دبي

لقد تحدثت سابقاً عن حلمي بأن تكون دبي المدينة الأولى عالمياً في الصحة، واليوم أرى أن هذا الحلم يتحول إلى التزام. ولتحقيق ذلك، هناك خمس ركائز أساسية لا بد من التركيز عليها:

1. أفضل تجربة للمريض عالمياً

لا يكفي أن نبني مستشفيات متطورة، بل أن نصنع تجربة علاجية استثنائية تُشعر المريض بالكرامة والرحمة والأمان من لحظة دخوله حتى خروجه، يجب أن يعيش المريض في دبي تجربة لا تضاهيها أي مدينة أخرى.

2. منظومة صحية رقمية ذكية

المستقبل لا ينتظر، لا بد من دمج الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتطبيب عن بُعد في كل تفاصيل النظام الصحي. يجب أن تكون الملفات الطبية موحدة، والخدمات متصلة، والتقنيات في خدمة الإنسان قبل أن يطلبها.

3. استقطاب أفضل العقول الطبية

دبي يجب أن تكون المحطة الأولى لجرّاح القلب النادر، ولعالم الأورام المتميز، وللمبتكر الذي يغير وجه الطب. نحن لا نريد أن نستورد العقول، بل أن نجعل دبي وطناً دائماً لهم، بيئة تُلهمهم وتمنحهم القدرة على صناعة المستقبل.

4. رعاية وقائية وشاملة للجميع

الريادة لا تقاس بعدد العمليات الجراحية الناجحة، بل بقدرة النظام الصحي على حماية الناس قبل أن يمرضوا. يجب أن يحصل كل مواطن ومقيم وزائر على رعاية وقائية شاملة بجودة عالمية، لأن الصحة حق للجميع وليست امتيازاً لفئة محدودة.

5. الصحة أسلوب حياة

في دبي، يجب أن ننتقل من مفهوم «العلاج عند المرض» إلى «الصحة كل يوم». الرياضة، والتغذية السليمة، والصحة النفسية، كلها عناصر يجب أن تتحول إلى ثقافة مجتمعية راسخة، مدعومة بالبرامج والسياسات والبنية التحتية.

من الرؤية إلى التنفيذ: ساعة العمل قد دقت

قد يقول بعضهم إن هذه طموحات كبيرة، لكننا في دبي تعودنا أن نعيش على الطموحات الكبيرة. لقد علّمنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن المستحيل كلمة لا مكان لها في قاموسنا. ما نحتاجه الآن هو التنفيذ، بسرعة وبشجاعة.

الأحلام لا تكفي، والخطط على الورق لا تكفي. ما يصنع الفارق هو أن تتحول الرؤية إلى برامج عملية، يقودها فريق متكامل من القادة والأطباء والإداريين والباحثين، بروح الفريق الواحد الذي تحدث عنه سموه في الملتقى.

نداء لا يحتمل التأجيل

إن نداء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ليس مجرد توجيه، بل هو عهد في أعناقنا. عهد بأن نضع الصحة في صدارة كل شيء، وأن نرفع اسم دبي عالياً كأول مدينة في العالم في صحة الإنسان وجودة الحياة.

اليوم رسالتنا واضحة، ولا مجال للتأجيل:

من نداء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تنطلق رسالتنا: «بالصحة نصنع الريادة، وبالصحة تتصدر دبي العالم. ماذا ننتظر؟».