في زمن التحولات السريعة، تبرز الحاجة لسؤال جوهري: كيف تصنع الأمم مستقبلها؟ الجواب لا يكون في الشعارات، بل في نماذج حية، أثبتت أن التخطيط والإرادة يصنعان المعجزات. ودبي، بلا شك، من أبرز هذه النماذج.

لم تنتظر دبي المستقبل، بل بادرت إلى صناعته. بدأت من موارد محدودة وبنية تحتية بسيطة، لكنها امتلكت رؤية طموحة وقيادة مؤمنة بالإنسان أصل التنمية، فالمستقبل، كما أثبتت التجربة، لا يُمنح، بل يُبنى عبر عمل منهجي وقرارات جريئة.

المشاريع الكبرى التي نراها اليوم، كبرج خليفة ومترو دبي ومتحف المستقبل، لم تكن مجرد أحلام، بل ثمرة تخطيط استراتيجي استبق الحاجات وتجاوز التحديات. ومطار دبي، الذي تحول إلى أحد أنشط المطارات عالمياً، يعكس فهماً مبكراً لموقع الإمارة حلقة وصل بين الشرق والغرب.

وفي الإدارة تميّزت دبي بتبني مفهوم الحكومة الذكية، فحوّلت الخدمات الحكومية إلى تجربة سريعة ومتكاملة. كما أطلقت مبادرات لقياس سعادة الناس، وجعلت من رضا المواطن مؤشّراً لأداء المؤسسات، في رؤية تضع الإنسان في قلب التنمية.

وأما على الصعيد الاقتصادي فقد بنت دبي نموذجاً متنوعاً بعيداً عن الاعتماد على النفط، فركزت على السياحة، والخدمات، والتكنولوجيا، واستقطبت العقول والمشاريع من مختلف دول العالم، لتتحول إلى مركز عالمي للمال والأعمال والابتكار.

الدرس الأهم من تجربة دبي هو أن النجاح لا يُحتكر، فقد فتحت الإمارة أبوابها للتجارب والأفكار، وأثبتت أن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص حين تقابلها إرادة حقيقية وخطة واضحة. إذا كانت هناك مدينة صنعت مستقبلها بيديها فهي دبي. وإن كانت هناك أمة تتطلع لبناء الغد فلتنظر إلى هذه التجربة التي جمعت بين الطموح والإنجاز وبين الإنسان والرؤى.