في كل منظمة، في كل مجلس إدارة، في كل مؤسسة عامة أو خاصة، يتكرر المشهد: شخص يجلس على كرسي القيادة، يحمل لقباً رسمياً، صلاحيات واسعة، وفريقاً يعمل «تحت إدارته».

لكن الحقيقة التي يتجاهلها البعض — أو يخشون مواجهتها — هي أن الكرسي لا يصنع قائداً... بل يفضحه.

الكرسي لا يمنحك الهيبة، بل يكشف إن كنت تستحقها.

لا يمنحك الرؤية، بل يختبر قدرتك على صنعها.

لا يهبك الاحترام، بل يمتحنك في أصعب لحظاتك أمام الناس والقرارات.

القيادة ليست في المسمّى... بل في الأثر

كم من شخص يحمل لقباً رنّاناً، لكنه غائب؟

كم من مدير يخشى القرار، ويتجنّب المواجهة، ويختبئ خلف اللجان والتقارير؟

في المقابل، كم من شخص بلا منصب رسمي، لكنه يبادر، يدفع الفريق للأمام، ويُحدث فرقاً حقيقياً؟

القائد الحقيقي لا ينتظر الضوء الأخضر... بل يُضيء الطريق.

لا يقفز إلى الصورة عند النجاح فقط... بل يتحمّل المسؤولية عند الفشل أولاً.

الكرسي مسؤولية، لا مظلّة حماية

من يجلس على كرسي القيادة، ويتعامل معه كوسادة للراحة، سيفقد احترام الناس سريعاً.

أما من يراه منصة للعمل، والقرار، والتغيير، فهو من يُحدث الأثر، ويترك بصمة، ويُلهِم.

الكرسي لا يصنعك... بل يعطيك الفرصة لتُثبت من أنت.

الضعيف يخاف أن يُنتزع منه، فيتشبّث به.

والقوي يعرف أن تأثيره لا يتوقف على وجوده فيه.

سمات القائد الذي لا يصنعه الكرسي... بل يصنع هو المعنى

• يتقدّم لا يختبئ.

• يُشارك لا يُلقّن.

• يُلهم لا يُصدر أوامر.

• يرفع من حوله بدل أن يخاف من تألقهم.

• يعرف متى يتخذ القرار... ومتى يصمت ليفهم أكثر.

في زمن التغيير المتسارع... نحن بحاجة لقادة، لا لمسميات.

المؤسسات اليوم لا تحتاج لمن يملأ الكرسي... بل لمن يملأ المكان بالحضور، بالقرار، بالمسؤولية.

الناس لا تُلهمهم المسميات... بل الشخص الذي يقف في وقت التخبط، ويتحرك في وقت الجمود، ويحتوي الآخرين دون أن يفقد صلابته.

الخلاصة؟

الكرسي لا يصنع قائداً!!

قد يرفعك لحظياً، لكنه سيكشفك حتماً.

الكرسي يُظهر صوتك، لكنه لا يمنحك المعنى.

والقيادة الحقيقية... تُبنى بالفعل، لا بالمكان.