الدبلوماسية العربية أثبتت أنها أقوى من السلاح ومن الخطابات «الهوائية»، وهذه الساحة أمامكم فانظروا إليها، وقيموا كل ما حدث خلال العامين الفائتين.
البندقية عندما لا تكون مؤمّنة تصبح خطراً على حاملها، حتى وإن أشعرته في لحظات معينة بأنها تزيده قوة، وتمنحه نوعاً من الاطمئنان والثقة، ومتى ضغط على «زنادها» وخرجت الرصاصات منها يسُد قانون القتل والدمار، ولا يكون هناك مجال لتضميد الجراح والتحدث بلغات أهل السياسة ومن يسعون لإنقاذ الموقف.
وعندما تكون البندقية في يد أحمق فاقد للإرادة، توجهه أطراف خارجية تنتفع من «حمامات الدم»، ويكون قراره مبنياً على مصالح أطراف لا تعيش إلا على الفوضى، هنا يكون مصير ذلك المغرور بسلاحه المتخلف ما حدث في غزة ولبنان، ومازال يحدث في اليمن، وقد يعود إلى «النووي» في إيران!
ومن الواضح بعد كل ما مررنا به خلال سنتين لم يكن كافياً ليتعلم أولئك المتخلفون عقلياً، فأحدهم، حتى الأمس، يتحدث عن قدرة الحزب اللبناني الطائفي التابع على قلب الموازين، رغم أن الموازين كلها دفنت في الضاحية مع قادته، وتبخرت الصواريخ المدمرة التي تحدثوا عنها، ومن بقي منهم يحاولون الحفاظ على المكاسب الداخلية والإبقاء على مصادر الأموال، ومصانع «الكبتاغون»!
ولا يختلف «إخوان البنا» عن ذلك الفكر، وها هم الذين يعيشون في أوروبا يرفضون خطة إنهاء حرب غزة، جملة وتفصيلاً، ويعتبرونها خيانة، وما زالوا يعولون على الذين يحتمون بالأسرى، ويختصرون بطولاتهم بإصابة جندي إسرائيلي أو دبابة مقابل مسح غزة بأهلها، وينتظرون قافلة الزوارق لتفك الحصار، وهم، أي الإخوان، المنشقون على بعضهم البعض، والموالون لكل من يدفع أكثر، هم لم يرسلوا حتى اليوم «علبة دواء» إلى غزة، ومع ذلك يتحدثون عن الخيانة، ويتناسون تاريخهم المغموس في الخيانة.
وحماس تستنزف المهلة الممنوحة لها، و«أصحاب الكروش» الهاربون من غزة ليلة إشعال فتيل هذه الحرب يلقون الكرة في ملعب الذين يعيشون تحت أنقاض غزة، قادة الجناح العسكري الذي لم يبقَ منه أحد، وتقول إنهم يملكون القرار النهائي، وتعلن من جانب آخر عن تحفظات على الخطة المطروحة، وأولها «عدم نزع سلاحهم»!
كم هي بعيدة المسافة ما بين العقلاء والحمقى!