سيظلون يكذبون ثم يكذبون، هكذا هم، كاذبون «يحرفون الكلم عن مواضعه»، وقد نفعهم كذبهم في تحقيق مآربهم، اختلقوا قصصاً وزوروا وثائق وصوراً وأفلاماً لأحداث وقعت أثناء الحروب، وصدّق كثيرون ما يقولون، ليس تعاطفاً، بل حتى يتخلصوا من شرورهم، وخاصة أوروبا التي سهلت لهم كل شيء، من تهيئة سياسية وحماية عسكرية إلى وسائل نقل حتى فلسطين، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حتى بعد 7 أكتوبر.
هذا الزمن الذي نعيشه، تاريخنا الحديث، ولن نذهب إلى الأزمنة الغابرة، ولن نسرد التسلسل التاريخي لأكاذيبهم، فالكتب تئن من كثرة ما ارتكبوا وما دلسوا وما زيفوا، فنحن نتحدث عن الذي يحدث الآن، عن ما نراه كل يوم، وما نسمعه من المستوطنين بأرض فلسطين.
آخر كذبة أطلقها بنيامين نتانياهو، الفاسد ومجرم حرب الإبادة الجماعية، وحرب التجويع، وحرب التهجير، من يحمل صفاتٍ لم يحملها أحد قبله، ومن تجمعت كل شرور الأرض بين يديه، ومن لم يترك سلاحاً لم يستخدمه ضد المدنيين في أرض أحرقها ودمر الحياة فيها، صاحب مشروع طرد كل سكان قطاع غزة، وترحيلهم قسراً تحت «أزيز» الطائرات ودوي الانفجارات، ولم يخجل بعد كل ما فعل، وهل يخجل من جف ماء الحياء من وجهه؟!
كذبة جعلت العالم كله يسخر من هذا المستوطن، فالحقيقة اليوم لا تخفيها يد ملوثة بالدماء، ولا تحتاج إلى إثباتات وأدلة، فالموت هو الدليل الثابت الذي لا يحرفه كذب من يتحدث وآثار دماء الضحية عالقة بفمه، ولكن من فقد كل مقومات الإنسانية مصر على الكذب، ويريد من العالم أن يكذب ما تراه عيناه ويلمسه بيديه، فهو القاتل والمدمر، والمنادي بالتهجير نحو الصحراء الجنوبية، المواجهة للحدود المصرية، وبكل صفاقة وقلة احترام للعقل البشري اتهم مصر بأنها تفضل سجن سكان غزة بعدم فتح المعابر للهرب من الموت، وهو صانع الموت، وهو القاتل المدان.
إسرائيل تحت قيادة الفكر الاستيطاني لن تذهب بعيداً، سواء ملكت سلاحاً لا يواجه، أو حرفت الحقائق كما يحلو لها، واعتدت على المواثيق التي وقعتها، فالنتيجة ستكون واحدة، وهي العودة إلى الوراء حاملة أوزارها!