ذهب نصر الله مع قادة حزبه، وسقط الحزب سقطة مخزية أزالت آثار الدعاية المخادعة، ووُضع في الواجهة شخص كان «منزوع الصلاحية»، وكان لسنوات طويلة على قائمة الاحتياط المنسية، فلم يبق غيره، كل من كانوا في المقدمة تمت تصفيتهم، وقَبِل بتمثيل دور سلفه وهو في مكان بعيد وغير مستهدف في الوقت الحاضر، وكتبت له الخطابات النارية، والبركة في التقنيات الحديثة التي تسجل وتنقح وترسل من المخبأ السري عند طوائف موالية للموجه العام!

نعيم قاسم وضع يده في الماء البارد، وترك لبنان على «صفيح ساخن»، مثل الحلفاء الذين يعرقلون التسويات لإطالة معاناة سكان غزة، وهم متنعمون في ضيافة المنتجعات، هو أيضاً يضع شروطاً تلو الشروط، ويصر على أنه «الفئة المميزة» من بين كل اللبنانيين، وأكثر من ذلك، هو ينظر إلى أزمة لبنان من منظوره المحصور في منافع حزبه، ولا تهمه معاناة وطنه وشعبه، فذاك «جلباب» نزعه حسن نصر الله منذ 2006، وارتدى جلباباً تعثر به فكان الضحية مع بلاده!

لبنان يبحث عن السلام والاستقرار وإعادة الإعمار والعودة إلى الدولة الوطنية، الدولة الجامعة والحافظة لكل مكوناتها وأطيافها، وقد اقترب من كل ذلك، ولكن الحزب التابع للخارج له رأي آخر، هو يريد دولة تسودها الفوضى، ويحكمها الإرهاب الحزبي والطائفي، حدودها ومنافذها مفتوحة للعابثين، تجار المخدرات والسلاح، وفارضي «الإتاوات» مثيري الأزمات، من اعتادوا على الابتزاز والمساومة على وطنهم مقابل مصالحهم، وها نحن نشهد جنوباً محتلاً تتجول في أرجائه آليات الغزاة، وضاحية بيروت وغيرها من المناطق مستباحة للطائرات، تضرب من تشاء وفي أي وقت تحدده، وحزب العمالة يصر على الاحتفاظ بالسلاح، ليس للمقاومة كما يدعون في إعلامهم، بل لإرهاب أبناء شعبهم!

قبل أيام صدر تلميح عن المبعوث الأمريكي، لو قرأه لبناني حر في حزب محور الدمار لرفع يده في وجه نعيم قاسم ومن يختبئ خلف غطاء الطائفية، وأعادهم إلى رشدهم، فهذا الوطن الذي عاش بطوائفه آمناً متعايشاً في مودة ومحبة معرض للزوال إذا لم يخرج من متاهة «الدولة الفاشلة»!