يُعَدّ السفر نافذة نطل منها على طرائق تعايش الناس مع بعضهم البعض، ونشهد من خلالها رُقيّ التعامل وتجلّي الانسجام الإنساني في صوره الطبيعية.
إلى جانب ذلك، هي فرصة ثمينة للتعرّف إلى ثقافات الشعوب وعادات الدول المتنوّعة، حيث تتكشف أمام المسافر تفاصيل الحياة اليومية التي لا تُقرأ في الكتب ولا تُختصر في الصور.
ولقد روت إحدى السيدات أن شغفها بالمسلسلات البحرينية لم يكن وليد اللحظة بل كان نابعاً منذ الصغر، لما امتازت به من عفوية وبساطة وجمال في شخصياتها ولهجتها المحلية المحبّبة التي كانت الدافع الأعمق لزيارتها إلى مملكة البحرين. فهذه الرحلة لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل بدت كأنها عودة حنونة إلى زمن الطفولة، حيث استحضرت الذاكرة برامج ومسلسلات فكاهية، وشخصيات بحرينية مميّزة لا تزال حاضرة في الوجدان.
وخلال الرحلة، تنوّعت محطات الزيارة بين المنامة بنبضها الحيوي وأسواقها الشعبية القريبة من الذاكرة، والعدلية بروحها الثقافية ومقاهيها التي تجمع الفن بالحياة اليومية، والحورة بتفاصيلها الشعبية التي ما زالت تحتفظ بملامح البحرين القديمة. وتعرفت أكثر إلى المحرق بتاريخها العريق وبيوتها التراثية التي تحكي حكايات المكان وتروي سيرة الإنسان البحريني عبر الزمن.
ولفت انتباهها خلال جولاتها تزيّن بعض السيارات ومحال التسوّق بعلمي دولة الإمارات ومملكة البحرين، في مشهدٍ عفوي يجسّد عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، ويعكس مشاعر المحبة الصادقة بين الشعبين.
وقد تناغم هذا المشهد مع شعار «البحرين قلب وعين» الذي اعتمدته دولة الإمارات لمشاركة مملكة البحرين احتفالاتها باليوم الوطني في الـ16 من ديسمبر، ليؤكد أن الروابط بين البلدين تتجاوز الشعارات إلى ممارسات يومية صادقة بين الأصحاب والمعارف التي لا يغيّرها البعد ولا تمحوها السنوات.
وهكذا، تبقى بعض الرحلات أقرب إلى القلب من غيرها، لا لأن الطريق كان مختلفاً، بل لأن الأرواح والروابط الأخوية التي التقيناها كانت، بدفئها وذكرياتها الجميلة، «قلباً وعيناً» حاضرة وراسخة لا تُنسى.