من عقود، نالني نصيب من الألقاب المجانية أنّي (مدمن مطارات). وهي حقيقة. لدي عشق لمطارات العالم؛ فإن كان المطلوب الحضور قبل الإقلاع بـ3 ساعات، كنت أجعلها 4 مع استعداد للزيادة.

بمجرد دخولي منطقة الاستقبال؛ حيث التذاكر ووزن الحقائب، ينتابني شعور بالبهجة، يتنامى تدريجياً أثناء طريقي إلى نقطتي الجوازات فالتفتيش، ثم وصولاً لممر الانطلاق إلى ذلك المكان الآسر. تلك البيئة الآسرة والملهمة؛ حيث المقاهي والمطاعم والمقاعد المريحة والإنترنت والسوق الحرة.

تأخذني حركة المغادرين الدؤوبة على مدار الليل والنهار. خطواتهم المتسارعة، حواراتهم المتقطعة، روائح عطورهم الفواحة، أناقة ملابسهم، ضحكاتهم التلقائية، نكاتهم، وعيونهم الملتمعة. هناك، اختار لنفسي مقعداً في مقهى. أطلب قهوتي. أُخرج جهاز الكمبيوتر المحمول، وأبدأ العمل بتركيز؛ فهنا، بعدما تطمئن أنك قريب من صالتك الأخيرة.

تضمن لنفسك شعوراً بحرية الوحدة تلك القائمة على مجهولية الآخرين لك؛ إذ بينما تشارك الجميع كل شيء، لا أحد بينهم يعلم عنك شيئاً. يحدث هذا في محطات القارات الضخمة. تشعر بأنك حر طليق وسط هذا الكم البشري المتهادي.

بمرور الوقت، اكتشفت أن كثيرين غيري، يشاركوني هذه العادة، الحميدة بالنسبة لي؛ أدركهم عشق المطارات وسحرها. وجدت رجل أعمال يسكن منطقة قريبة من المطار، يحرص على تناول قهوته الصباحية من مقهى في المطار.

رأيت شخصاً آخر يقرأ في كتاب على مقهى في المطار، ويتناول قهوته، بينما ينتظره كتابان آخران على الطاولة ذاتها، كما وجدت أدباء قد اتخذوا من مقاهي المطارات (خلوة) للكتابة، ضاربين بذلك اعتقاداً سائداً أن الكتابة تحتاج إلى محيط ساكن لا حراك فيه ولا كلام. يحدث هذا كله في عالم مصغّر اسمه المطار.

على المقلب الآخر من هذه المشهديّة الجميلة للمطارات، هنالك من لا يحب المطارات، وإن كان لا بد من سفره، فقد يختار السيارة.

السؤال: لماذا الخوف من المطارات؟ أو ما سبب ما يسمى (قلق السفر)؟ وللحديث بقية.