حينما سمعت بمصطلح (جيل - Z)، يتردد في وسائل العالم، ومنها التواصل الاجتماعي، تبادر إلى ذهني أننا أمام جيل فوضوي، يضاف إلى قائمة الحركات الاجتماعية والفنية، التي سادت في التاريخ ثم بادت، أكثرها قام على مبادئ بعينها، أفكار فلسفية جددوا فيها، ولها أسلوبها النقدي المنفلت، من أية قيمة أو قيود، لا أطر تضبط حركتها وأفعالها ونتاجها، إذا كان لديها نتاج فني أو أدبي.

هذه هي الصورة المبدئية التي أوحى لي بها الاسم (Z)، الذي بحثت عنه فلم أعثر له على ارتباط لا برمز تاريخي ولا فني، ولا حتى ثقافي. بدا لي Z مجرد اسم زئبقي، لا تستطيع الإمساك به، وبالتالي يصعب توصيفه.

كما الكهرباء؛ تشعر بضوئها في المصباح، لكن لا تستطيع توصيف ما يجري في السلك الصانع للضوء، حتى جاء درس الكهرباء، ليفيد بأن ما يجري في السلك هو (تدفق لذرات الإلكترون المكونة للتيار). وبمرور الوقت، وقليل من المتابعة، بدت الأمور تتضح أكثر حول الاسم؛ فمن هم Z، وما يحملون لنا، وماذا يريدون منا؟

تبين أن الاسم (Z) يضعنا أمام فئة شبابية تميل للاستقلالية في المجتمع، تنتمي إلى منتصف التسعينيات حتى العقد التالي، لها مواصفات إبداعية ابتكارية معينة، تجعلها متميزة عن غيرها من الفئات الأخرى، من مواصفاتها، التفكير المستقل، خارج الصندوق، أي خارج المألوف، ولديها شغف متنامٍ وجاد بالعالم الرقمي وتفاصيله، ولها منظورها النقدي للأمور المجتمعية.

نشأتهم رقمية، ولديهم اطلاع على ثقافات متنوعة، ويتمتعون بالاستعداد المفرط للتغيير والابتكار، لكن تهمتهم، صعوبة اندماجهم في الأنماط التقليدية، أي الاندماج في العمل الجماعي، وفي المجتمع. الأهم عند هذا الجيل، أن الإنترنت محور حياتهم اليومية.

وبرغم ذلك، فإنهم يظهرون رغبة في إحداث تأثير إيجابي في محيطهم الاجتماعي، لكنهم يختلفون في بعض القيم أو الأولويات عن الأجيال السابقة. بماذا يختلفون؟ يختلفون في النظرة إلى الأسرة.