انضممت، منذ سنوات، إلى كتّاب الأعمدة في صحيفة البيان، ما جعلني أتابعها بعين مهنية مختلفة عما كنت قبلاً. في هذه الأيام تحتفل صحيفة «البيان» بالذكرى الـ 45 على انطلاقتها.

هي مناسبة سعيدة للجميع، طرحت فيها سؤالاً على نفسي: كيف لصحيفة يومية بأن تنجح في استدامة صدورها، والحفاظ على قاعدة قرائها، في وجه التحديات الرقمية التي تجتاح العالم؟ سؤال دفعني إلى تصفح أعدادها السابقة في محاولة لتحليل المضمون، أقف من خلاله على سر مسيرتها الحيوية.

بعد البحث شعرت أني لامست بعض العوامل، منها 3 رئيسية. الأول، الثقافة الاقتصادية: كثير من الصحف اليومية، محلياً وخليجياً، تقدم وجبة اقتصادية لقارئها، لا تتعدى مكوناتها الأخبار والتقارير وبعض التغطيات، لكن قليلاً منها تنبهت إلى تثقيف قارئها اقتصادياً، لا فقط بما يحدث في المجال، في المنطقة والعالم، خبراً وتقريراً.

إضافة إلى ما يسمعه القراء من أحاديث، بل جعله يلمّ بتفاصيل أخرى مهمة، يفهم عبرها الكيفية التي عليه أن يقرأ الاقتصاد، ويتفاعل معه، كونه مادة ملازمة لحياته الفرد، ما يعزز لديه الثقة بالإقبال على التعاملات بجرأة.

وأما العامل الثاني فهو تنوّع المحتوى: هنالك إدراك عمليّ ملموس، ما يشبه المعادلة، مفاده: إذا أردت استدامة الاستمرارية بجاذبية - وهذه مصدرها المواكبة العصرية الحثيثة - فعليك بتنوع المحتوى، في القصص الخبرية.

وبما له علاقة بقاعدة قرائك، وألا تظل على الوتيرة نفسها، التي بدأت بها، محتوى وأسلوباً تقليدياً في التغطيات، بل نسفها وابتكار البدائل لها، حتى على مستوى التصميم والمحتوى البصري الجذاب؛ فقارئ اليوم متقلب المزاج بطبعه، يختلف في وعيه وأولوياته، عما كانه منذ عشرين سنة.

وأما العامل الثالث فهو الأعمدة الأسبوعية: إن إفراد مساحة للأعمدة الأسبوعية تتيح لقاعدة القراء الاطلاع على آراء متعددة، ووجهات نظر مختلفة في القضية أو القضايا، التي تشغل المجتمعات، محلياً وخليجياً وعالمياً، من زاوية تهم المجتمع، ومثل هذه المساحات ضرورية ومهمة.