تسأل مراقباً، ممن لهم باع في ربط الأحداث وتحليلها، ما الذي يجري حولنا؟ فيأتيك رده بأن العالم كله يرقص! وتفهم من كلمة «يرقص» بأن العالم يتفاعل مع بعضه بعضاً، بكثير من المصلحة، وقليل من الإنسانية، حول مغانم، فيبدو في احتداماته المدوية، كالرقص مع الذئاب حول فريسة غامضة الملامح.
العديد من المهتمين، يقر أن العالم يعيش فوضى، والقلة منهم بدأت تبحث عن تسمية مناسبة لهذه الفوضى، المفترضة، لكن.. أليس ممكناً أن تكون الفوضى ظاهرة طبيعية، ما يترتب عليه أن الأمر اعتيادي؟ لكن بعضهم يخشى أن الفوضى، المفترضة، قد تكون ضرباً من الإيهام لتغطية تدبير أو صفقة.
بعض ثالث، ممن يغلّبون الحكمة في الأمور، يفضل التأكد أولاً قبل تصنيف ما يجري. أهو فوضى أم غير ذلك؟ وإن وجدت فوضى، هل يمكن اعتبارها غضباً سماوياً حل بالبشر؟
الفوضى، تعد لدى الصينيين امتحاناً للرجال، فغالباً ما تضعهم في موقف صعب، ينكشف فيه ما إذا كانوا يمتلكون رؤية، وذكاءً يخرجهم من أي حالة مأزومة، كما أنهم يعتقدون أنه لا يستفيد من الفوضى العارمة سوى الحكيم أو القائد الفذ.
في العصر الحديث، تأتي الفوضى علامة على مرحلة بين حالتين: حالة قديمة تلملم أطرافها استعداداً للرحيل، لتصبح عما قريب ماضياً، وحالة جديدة حديثة تنهض على أنقاضها، لتستوي عما قليل حاضراً ينزاح للمستقبل.
وبين الحالتين، تنتهي أمور وأشخاص وبرامج وشعارات وأحلام، لتبدأ في البروز أمور جديدة، يلمع فيها أشخاص، وتوضع برامج وشعارات، وتتخلق أحلام، لا يهم إن كانت تلك الأحلام قابلة للتحقق أم لا؛ فللأحلام في طور تشكلها جاذبية. بهذا المعنى، تعد الفوضى إشارة على انتهاء مرحلة، وبدء أخرى جديدة، كل ما فيها حديث يُنتظر تجريبه بوعي تام.
التشاؤم في المرحلة الفاصلة مضر جداً، كما أن الطمأنينة غير مفضلة.. التفاؤل هو البلسم الوحيد والتوازن، فاطلبوه ولو في الصين.