في مقال الأربعاء الماضي، وصلنا إلى أن المجتمعات البشرية لا غنى لها عن وجود «موديل» - نموذج، قدوة، ملهم، بين ظهرانيها؛ يتأثر الناس في ما يصدر عنه من معرفة أو إنجاز أو تجربة إنسانية قيّمة أو فن أو خصال حميدة كما في حالة القدوة المجتمعيّة.

وبينا أن النموذج، في أي مجال كان، يمكن صناعته؛ فثمة مؤسسات محلية وعالمية لديها الخبرة والقدرة على القيام بهذا الدور.

إن الجوائز التي تخصصها المؤسسات في القطاعين الخاص والعام، بضمنها الأفراد، لتمنح للمبدعين في شتى المجالات، أيضاً هي تهدف إلى تعزيز المساعي الرامية إلى صناعة النموذج، أو النجم في حالة الأدباء. وتساءلنا أمام أحدث الجوائز «جائزة المقال الإماراتي»، ما الهدف الذي تسعى لتحقيقه هذه الجائزة؟

لن نطرح سؤالاً وجيهاً، هل لدينا نموذج محلي - نجم في مجال كتابة المقال بصرف النظر عن محتواه؟ وسبب ذلك، ما قد يترتب عليه من تباينات في وجهات النظر، قد تستدعي نقاشاً طويلاً: ما المقال الناجح في مجاله؟

وما صرامة المعايير التي يقتضي توافرها فيه عن غيره من المقالات؟ لا نتوقف هنا؛ فسؤال كهذا تحتاج إجابته إلى بحث علمي. الأجدى الذهاب إلى الأهم.. إلى رؤية الجائزة، والأهداف من وراء إطلاقها.

لمعرفتي الشخصية بمؤسس الجائزة عبدالغفار حسين، أعلم بأن الجائزة جاءت على خلفية نقاشات مطولة شهدتها أمكنة ومجالس مختلفة من بينها ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وأخرى اعتاد «أبو نبيل» التردد عليها، تمحورت كلها حول:

ما السبيل إلى تمكين كتّاب المقال المحليين، على تنوّع مجالاته، من الاستمرار بتطور مهاراتهم الأسلوبية ليصبح أحدهم بمرور الوقت، كاتباً لامعاً تستند كتابته إلى ثقافة، وذائقة عذبة في المقال الثقافي الأدبي، وصرامة في المقال البحثي، وموضوعية عالية في المقال السياسي التحليلي؟

فكانت الإجابة تخصيص جائزة تقتصر على كتّاب المقال فقط، لعلّها تشعر الكاتب منهم بضرورة الاستمرار واتخاذ التطوير سبيلاً نحو التميز.

الجوائز وعلاقتها بصناعة «الموديل» - المُلهم «1-2»