الجميع مطالب بأن يمضي قُدُماً، لا أن يقف في مكانه، وأن يسلك درباً جديداً يفتح له آفاقاً غير مألوفة ليتميّز ويُضيف إلى نفسه قيمة ومعنى. فالاكتفاء بالنجاح عند أول محطة لا يعني النجاح المطلق.
ولا يُعدّ وصول البعض إلى إحدى المحطات نهاية الطريق، لابد من السعي بجدٍّ واجتهاد، والانتقال من محطة إلى أخرى حتى يبلغ الفرد مراده ويحقق نجاحات جديدة.
وهذا ما فعله رائد الفضاء نيل آرمسترونغ، أول من وطأت قدماه سطح القمر، فعندما سُئل: ماذا بعد أن حققت حلمك بالوصول إلى القمر؟
قال: أرغب بالعودة إلى الأرض لأبدأ رحلة حلم جديدة. وهنا يُعلّمنا أن الوصول إلى القمر ليس أجمل ما في العمر، وليس آخر الأحلام، ولا يمكننا أن نعيش على ذكرى النجاحات القديمة أو نتمسك بها وكأنها آخر الأحلام.
سلّط بعض الأساتذة في كتب القيادة الضوء على مقولة كُتبت بماء الذهب: «من الجميل أن تزور المكان، أيّ مكان في الدنيا، لكن ليس بوسعك أن تعيش فيه إلى الأبد».
وهذا حتماً ينطبق على بعض الموظفين الذين يصلون أخيراً إلى الكرسي المنشود بعد طول انتظار، أو على أصحاب المناصب العليا الذين يظنون أن الحال سيبقى كما هو إلى الأبد، لكنهم يُصدمون لاحقاً بتغير الواقع رغماً عنهم، لأن بعض المؤسسات تسعى إلى دماء جديدة وخبرات متنوعة تُسهم في ارتقاء العمل وتقدمه. أروع ما في العمر أن تعبر الحلم دون أن يوقفك الوداع، ولا يُغريك البقاء.
لا بد من إدراك أن الاستسلام للنجاح لفترة طويلة، والعيش في دائرته إلى الأبد، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الفشل، لأنه يُحوّل العمر إلى وهم. فكلّ شيء جميل يدفعنا إلى ألا نمكث فيه طويلاً، بل نمضي نحو رحلة جديدة وطموح متجدّد يرفعنا لنرتقي ونسمو.