تشهد العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية مع تنظيم الإخوان الإرهابي تحولاً جذرياً، وذلك بعد ثلاثة قرارات أمريكية خلال أقل من شهر واحد، من أجل التضييق على الجماعة، وتصنيفها تنظيماً إرهابياً.

آخر تلك القرارات، كان قرار حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، تصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً، في حين قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أواخر نوفمبر الماضي، أما حاكم تكساس، غريغ أبوت، فقد جاء قراره في 18 من نوفمبر الماضي، وهو ما يعني أن دائرة إعادة تدوير أو إنتاج دور جماعة الإخوان في الغرب، اقتربت على إغلاقها.

هناك اهتمام كبير في التوجه الأمريكي الجديد، سواءً من الحكومات التي صنفت الإخوان تنظيماً إرهابياً، وتلك الدول التي ما زالت تحتفظ بعلاقات، خاصة إذا ما أصبح القرار المنتظر على المستوى الفيدرالي محل تنفيذ، وذلك بناء على ما سيتمخض عنه تكليف الرئيس ترامب لوزيري الخارجية، ماركو روبيو، والخزانة سكوت بيسنت الأمريكيين، وهذا الاهتمام نابع من أن هذا التنظيم كان محل مساومة سياسية وجدل كبيرين بين دول الشرق الأوسط وبين الغرب عموماً، الذي يحتضن جماعات إخوانية، لتوظيفهم واستثمارهم سياسياً ضد دولهم الأصلية، لتحقيق أهداف غربية، وقد أكدت على هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، في مذكراتها، أن بلادها على علاقة مع «الإخوان»، خلال فترة ما كان يعرف بالربيع العربي.

أنا واحد ممن يعتقدون أن التحرك الأمريكي سيحقق فرصتين في مواجهة تمدد تنظيم الإخوان، والمتعاطفين معه على مستوى العالم.

الفرصة الأولى أنه سيشجع الدول الأوروبية المترددة، وعلى رأسها بريطانيا، في اتخاذ قرار تصنيف «الإخوان» المتغلغل في دوائر صناعة القرار في تلك الدول، باعتباره تنظيماً إرهابياً.

والتشجيع هنا، لن يحتاج تحركاً أمريكياً، بقدر أنه سينبع من إدراك هذه الدول التبعات التي سترافق قرار التنصيف، أبرزها التجميد الفوري لجميع الأموال والممتلكات، ومنع البنوك من التعامل معها، وكذلك منع دخول أي أعضاء هذا التنظيم إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعني عملياً إغلاق رئة التنفس للتنظيم الإخواني.

الفرصة الثانية: انتقال قضية محاصرة تنظيم الإخوان الأجندة الدولية، وبالتالي، إعادة النظر في الخطاب السياسي الذي يروجه «الإخوان»، بادعاء تمثيله للإسلام المعتدل، مع أنه ماكينة تفريخ كل التنظيمات الإرهابية.

وهنا، علينا أن ندرك أن الدول التي تستضيف تنظيم الإخوان، ستكون محل حرج، وبالتالي، سيتم التضييق على الإخوان في كل مكان في العالم، وهذا نتيجة لحجم التأثير الأمريكي على مستوى العالم.

منطقياً، هذه أسوأ لحظة في تاريخ جماعة الإخوان منذ تأسيسها قبل قرن تقريباً، ليس فقط لأنه سيتم محاصرة مصادر تمويلها، الذي يعد المحرك الأساسي لهذا التنظيم، والذي يستخدم القضايا الإنسانية، وخاصة القضية الفلسطينية، في جمع التبرعات المالية في العالم، بهدف تمويل مشاريعه الإرهابية في العالم، وإنما لأن السياق الإقليمي والدولي، لم يعد يحتاج إلى خدمات هذا التنظيم، الذي تمرس في المقاولة السياسية ضد الدول العربية، كما تفعل حكومة بورتسودان حالياً، بقيادة عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش الذي يسيطر عليه من أتباع الإخوان.

أخيراً، مثلما استطاعت الدول العربية فضح مشاريع تنظيم الإخوان مجتمعياً، وعرتهم أمام الرأي العام العربي، فإن القرارات الأمريكية الثلاثة، ستحول أفراد الجماعة الإخوانية من لاجئين سياسيين يتمتعون بحصانة حكومية وشعبية، إلى تصنيفهم الحقيقي، إرهابيين في الغرب، وسيتم ملاحقتهم أمنياً، ومحاصرتهم مجتمعياً.