إن اعترف الاثنان بالجريمة فكلاهما سيحصل على خمس سنوات سجن، وإن أنكر الاثنان معاً فسيسجنان لسنة واحدة فقط، وإن اعترف أحدهما وأنكر الثاني يحصل المعترف على براءة والمنكِر على عشر سنوات سجن، وحينها تبدأ اللعبة النفسية الشديدة.
فكل واحد يريد الخروج بأقل مدة ممكنة، لكنه يخشى من شريكه أن يعترف حتى يتخلص ويورطه، فحينها يقرر كل منهما أن يعترف على أمل أن يسكت الآخر، الذي يعترف بدوره، ويُسجَن الاثنان خمس سنوات!
«نحن الآن نعرف كيف نبني AGI، المسألة فقط موارد حوسبة وكهرباء»، وكم كان مثيراً معرفة أن شركتي NVIDIA و Foxconn تقومان ببناء «مدن» آلية للروبوتات، لمواجهة نقص العمالة أو استبدالها ولتقليل التكاليف ووجع رأس الإضرابات العمالية وضغط النقابات، وبحيث تعمل طيلة «ساعات» أيام الأسبوع دون توقف، وبهذه المدن شبكات نقل داخلي ومحطات شحن لاسلكية وأنظمة صيانة آلية وبإشراف آلي أيضاً من خلال ما يُطلَق عليه توأم رقمي Digital Twin.
وهو أمر قد حدث فعلاً باستبدال 87 ألف عامل بروبوتات في مدينة دونغوان، وهو ما يفسر النمو الكبير في سوق الروبوتات الذي بلغ حوالي 47% بقيمة جاوزت 157 مليار دولار في هذا العام، والمقلق أن التكهنات تشير لفقدان 2 مليون وظيفة على مستوى العالم حتى نهاية هذه السنة!
وستختفي إشارات المرور، فالخوارزميات من جديد ستتعامل مع التقاطعات أفضل عن البشر بمراحل، حسب تصريح سيباستيان ثرون مؤسس Google X، فالسيارات ستنقل البشر بكفاءة، ما يلغي الحاجة لمواقف أيضاً!
وفي تقرير أصدرته McKinsey Global Institute في أكتوبر 2025 فإنه يتوقع بحلول 2030 فقدان 800 مليون وظيفة عالمياً بسبب الأتمتة، ويذكر التقرير، في محاولة لتهوين الأمر، أن 375 مليون وظيفة جديدة ستظهر.
هذا العدد المهول من فقدان الوظائف يعني أن ملايين العائلات عالمياً ستفقد دخلها، وبالتالي ستنخفض قدرتها الشرائية بشكل كبير، فمليون أسرة مثلاً مكونة من أربعة أفراد بمتوسط دخل سنوي 25 ألف دولار، سينتج عنه فقدان 25 مليار دولار سنوياً، وهذا ما يسمى تدمير الطلب Demand Destruction وهو أخطر من أي أزمة مالية، فتدمير الطلب ليس انخفاض مبيعات، ولكنه «دورة انهيار» تدمر الاقتصاد من الداخل.
ففي معظم دول العالم يمثل الإنفاق الاستهلاكي من 60 إلى 75% من الناتج المحلي، وإذا انخفض الإنفاق بمقدار 10% ينخفض الناتج مباشرة 6 - 7.5%، وبالتالي انهيار الثقة لدى الناس Confidence Collaps والتوقف عن الشراء مستقبلاً خوفاً من وضع قادم أكثر سوءاً!
ولكن البشر في مرحلة مفصلية لم تحدث من قبل، وما لم يتم تدارك بوادر الخطر بتشريعات قانونية ومالية وأخلاقية، وإلا فإن الوضع لن يكون وردياً في المستقبل، ومعضلة السجين ستتكرر ولكن دون خط رجعة!