يعيش الإنسان بين طريقين لا ثالث لهما: طريق البر والإحسان الذي يرفعه إلى مصاف الأبرار، وطريق الشر والفساد الذي يجره إلى مصير الأشرار. وما يحدد موقعه في هذه الرحلة هو اختياره اليومي وسلوكه العملي تجاه ربه وأسرته ومجتمعه ووطنه.
الأبرار هم الذين تزينت حياتهم بالطاعة والرحمة، فهم المخلصون لله في عبادتهم، الصادقون في أقوالهم وأفعالهم. غير أن البر ليس مفهوماً ضيقاً يقتصر على العلاقة الروحية، بل يتجلى أول ما يتجلى في البر بالوالدين. فالوالدان هما أصل الوجود ومصدر الرحمة، ومن عقّهما فقد أغلق على نفسه باباً واسعاً من أبواب رضا الله. ثم يتسع البر ليشمل صلة الرحم، حيث يبقى الإنسان وفياً لجذوره، حنوناً على أقاربه، مستجيباً لحق القرابة. وللبر بعد آخر لا يقل شأناً، وهو الإخلاص للوطن والمجتمع؛ فالأبرار لا يرون في أوطانهم مجرد أرض يعيشون عليها، بل أمانة يجب أن تُصان، وكيان يستحق أن يُدافع عنه ويُبنى على أسس العدل والخير. ومن هنا كان العمل النافع، والمشاركة الإيجابية في خدمة المجتمع، صورة ناصعة من صور البر.
أما الأشرار فهم نقيض ذلك كله. هم الذين أعرضوا عن طاعة الله، واستسلموا لأهوائهم، فخانوا الأمانة وكذبوا في القول والعمل. تبدأ شرورهم من العقوق، فمن أساء إلى والديه أو أهملهما فقد انحدر في دركات الشر. ثم تتضح ملامح الشر أكثر بقطع الأرحام، ونشر العداوة والبغضاء بين الناس. ويبلغ الشر ذروته حين يخون الإنسان وطنه أو يعبث بمقدرات مجتمعه، سواء بنشر الفساد أو إثارة الفتن أو التهاون في حفظ أمن البلاد ومصالح العباد.
ولذلك، فإن خط التمايز بين الأبرار والأشرار واضح: من أحسن لوالديه، ووصل رحمه، وأخلص لوطنه ومجتمعه فهو من الأبرار. ومن عقّ والديه، وقطع رحمه، وخان وطنه ومجتمعه، فهو من الأشرار. إنها معادلة أخلاقية بسيطة لكنها عميقة، تُذكر الإنسان كل يوم بأن مصيره يتشكل بقراراته وأفعاله.
فالخيار بيد الإنسان: أن يسلك طريق البر فيفوز برضا الله ورضا الوالدين ورضا أولي الأمر، أو يسلك طريق الشر فيخسر دنياه وآخرته.