الأمر الذي يتطلب إعادة النظر عربياً وإسلامياً تجاه الخطر الذي لم يعد قاصراً على القضية الفلسطينية فقط، على الرغم من مركزيتها وأهميتها بالنسبة لاستقرار الشرق الأوسط.
اللحظة استثنائية، بل شديدة الدقة، تقدير الموقف صفري، فالقضية وجودية والصراع يتخذ منحى تاريخياً لفرض واقع جديد على وجه المنطقة. بنيامين نتانياهو وضع كل أطماعه على الطاولة، الحفاظ على بقائه يقوده إلى فعل كل شيء على حساب الجميع، حالة انفلات غير مسبوقة تتجاوز كل القوانين الدولية والإنسانية.
والمعنى العميق لهذا الأمر أنه يضع نفسه كمستعمرة عسكرية لا تتوقف عن القتال، فإسبرطة كانت تلك وظيفتها في العصور اليونانية القديمة. يعتقد نتانياهو أننا لا ندرك الرموز التي يرمي إليها، فبعد أن استعان بنصوص دينية، ها هو يستعين بتاريخ مظلم من الأزمنة القديمة.
وهذا بمثابة كسر للعهد الإقليمي والعهد الدولي الذي ينظر إلى منطقة الخليج كونها منطقة استقرار عالمي، بما تحظى به من اقتصاد يترابط مع العالم، وسياسة تسهم في استقرار الشرق الأوسط.
وأصبحت سلوكاً منفلتاً يهدد بتوسيع رقعة الصراع إلى المنطقة كلها، ما يعني أن الصمت لم يعد مقبولاً، وأنه لا بد للمجتمع الدولي، أن يتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الإسرائيلية التي تعرقل أي جهد للسلام.
فالأمن لا يتحقق بالقوة والاعتداء، بل باحترام القانون الدولي وسيادة الدول، فضلاً عن الرسالة الموجهة إلى المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة في المشهد، للضغط على بنيامين نتانياهو لوقف الإبادات الجماعية والتطهير العرقي الذي يقود إلى تقويض النظام العالمي، وقيادة العالم إلى نفق يصبح الخروج منه مكلفاً لكل الشعوب.
واستثمار مخرجات القمة العربية الإسلامية كورقة ضغط مستمرة، كل هذا يجب أن يتم على قدم وساق وبقوة وعمق من كل الدول العربية والإسلامية لمجابهة هذه الأخطار المتلاحقة، فلم يعد خافياً على أحد أنه من دون إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ستظل خرائط الإقليم والمنطقة في صراعات وحروب لن يكتبها التاريخ، ولن تعتمدها الجغرافيا.