لم يكن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مجرد قائد لدولة ناشئة، بل كان رجل حكمة ورؤية، وضع أسساً راسخة لدولة الإمارات العربية المتحدة، جعلتها منارة للاستقرار والتنمية والتضامن العربي، لقد آمن الشيخ زايد بأن القوة الحقيقية تكمن في الوحدة والتعاون، وأن تطور الأمم لا يتحقق إلا بالحكمة والتوازن، هذه الفلسفة انتقلت كإرث ثمين إلى أبنائه من بعده، وخاصة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي واصل مسيرة والده بكل حكمة واقتدار، محققاً إنجازات جليلة على الصعيدين المحلي والعربي.
عُرف الشيخ زايد بحكمته التي جمعت بين الأصالة والحداثة، فكان يؤمن بأن التنمية يجب أن تكون شاملة، تعتمد على بناء الإنسان قبل الحجر، تحت قيادته تحولت الإمارات من مجتمع يعتمد على الصيد والرعي إلى دولة متقدمة في الاقتصاد والتعليم والبنية التحتية، كما حرص على تعزيز الوحدة العربية، وكان داعماً قوياً للقضايا العادلة.
كان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، امتداداً طبيعياً لحكمة والده المؤسس، حيث قاد مسيرة الإمارات بكل حكمة وتوازن خلال فترة حكمه «2004-2022»، محققاً إنجازات تنموية وحضارية جعلت الدولة في مصاف الدول المتقدمة.
ومن أهم تلك المواقف التي تعكس حكمة الشيخ خليفة:
1. التركيز على التنمية المستدامة: أطلق «رؤية الإمارات 2021» لتعزيز التنويع الاقتصادي، واهتم بتطوير البنية التحتية، مثل مشروع «مصدر» للطاقة المتجددة، الذي يعكس حرصه على المستقبل الأخضر.
2. دعم الأشقاء العرب: في عهده قدمت الإمارات مساعدات سخية للدول العربية، مثل دعم مصر بعد ثورة 30 يونيو بمنح وقروض بلغت مليارات الدولارات، ومساندة الشعب اليمني إنسانياً وعسكرياً.
3. السياسة الخارجية المتزنة: اتسمت قراراته بالحكمة، فحافظ على علاقات إقليمية ودولية قوية دون انحياز، ودعا دائماً إلى الحوار لحل الأزمات العربية.
لقد كان الشيخ خليفة، رحمه الله، رجل بناء وسلام، وترك إرثاً عظيماً يضاف إلى سجل الكرام آل نهيان في قيادة الإمارات نحو العطاء والتقدم. وبعد رحيل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حمل أبناؤه راية الحكمة والقيادة الرشيدة، وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على النهج ذاته الذي سار عليه المؤسس، حيث واصل مسيرة القائد المؤسس بذات النهج المتزن، معززاً مكانة الإمارات دولة رائدة إقليمياً وعالمياً.
الاستثمار في الإنسان العربي
لم يقتصر دعم الإمارات على الجانب السياسي أو المالي، بل امتد إلى الاستثمار في التعليم والثقافة، فمبادرات مثل «مدرسة» التي توفر تعليماً رقمياً مجانياً للملايين من الطلاب العرب، وبرامج المنح الدراسية للطلاب من الدول الفقيرة، تعكس رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء المستقبل وتأسيس جيل عربي واعٍ يسهم في مسيرة العرب وينمي من مهاراتهم، ويفتح آفاق أفكارهم بما يخدم العرب والعروبة.
الإغاثة الإنسانية دون تمييز
تعد الإمارات من أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم، حيث قدمت مساعدات طبية وغذائية للعديد من الدول العربية والأفريقية، خاصة خلال الأزمات، مثل جائحة كورونا والكوارث الطبيعية، ولم يقتصر دورها في الحقيقة على البلدان العربية، بل امتد خيرها الذي منّ به الله عز وجل عليها إلى بلدان عديدة حول العالم.
إن حكمة المغفور له الشيخ زايد لم تكن مجرد شعارات، بل كانت منهجاً استمر عبر الأجيال، فحقق قادتنا أبناؤه من بعده إنجازات عظيمة جعلت دولة الإمارات نموذجاً للقيادة الحكيمة، لقد أثبتت الإمارات أن القوة الحقيقية تكمن في التوازن والعطاء، وبناء الجسور بين الشعوب، وهكذا يبقى تراث الشيخ زايد خالداً في كل موقف نبيل، وكل إنجاز يعود بالخير على الأمة العربية والعالم أجمع.